السلف وتنوع القربات
وقد
كان للسلف في كل باب من أبواب القربات أوفر الحظ، وكانوا يحفظون صيامهم من
الضياع في القيل والقال وكثرة السؤال . لذا تجد ;كثيراً منهم قد لازم
المسجد ليحفظ صيامه وينقطع عن الناس ويتفرغ للعبادة.
عن طلق بن قيس قال:
قال أبو ذر رضي الله عنه: إذا صمت فتحفظ ما استطعت .وكان طلق إذا كان يوم
صومه دخل فلم يخرج إلاّ لصلاة . أخرجه ابن أبي شيبة
وكانوا حريصين على
استثمار أوقاتهم ، واغتنام ساعات الليل والنهار كما مر معنا . وكان أحدهم
أشح على وقته من صاحب المال على ماله . قال ابن مسعود رضي الله عنه : ما
ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي.
وقال ابن القيم رحمه الله : إضاعة الوقت أشد من الموت لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها
وخلاصة
رمضان السلف: الإمساك عن تعاطي جميع المفطرات الحسية والمعنوية، وفعل ما
يرضي الله، يحتسبون نومتهم كما يحتسبون قومتهم، يتنافسون في الطاعات
والقربات، ويفرون من مقاربة المعاصي والسيئات، يحفظون صيامهم من جميع
المفطرات، يعملون بكتاب الله وسنة رسوله، ويوصي بعضهم بعضاً بألا يكون يوم
صوم أحدهم كيوم فطره، فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: "إذا صمت
فليصم سمعك وبصرك، ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك
وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء".فلا بد أن نذكر
أنفسنا بشيء من حياتهم، حتى يزداد إيماننا، وتقوى صلتنا بخالقنا، وحتى تقوى
عزائمنا، وتشحذ هممنا، فنقتدي بهم -نرجو من الله ذلك-.
نسأل
الله أن يجعلنا متأسين بسنة نبه صلى الله عليه وسلم ، مهتدين بهديه ، نسير
على ما سار عليه صالحوا سلف الأمة من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان .
وأن يستعملنا في طاعته، ويجنبنا معصيته، وأن يرزقنا الإخلاص في القول
والعمل، وأن يوفقنا لقيام رمضان وصيامه إيماناً واحتساباً ويتقبله منا،
ويجعلنا ممن وفق لقيام ليلة القدر، وأن يعلي هممنا، ويقينا شرور أنفسنا.
آمين اللهم آمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.