فتيات قرية (الحدين) بالبحيرة ..الدجاجة التي تبيض ذهبا

تحقيق- احمد عبد العظيم - رغم أن عمرها لم يتجاوز 15 عاماً، إلا إن
ملامح وملابس "أحلام.ق" تدل علي أنها تجاوزت هذا السن الطفولي ودخلت لمنطقة
"الانثي" منذ فترة طويلة، ساعدها علي ذلك أسلوبها وحركاتها و"التيير" الذي
كانت ترتديه ، ويبدو انه اكبر درجتين من مقاسات الطبيعي.بمجرد وصول
"أحلام" لقريتها الصغيرة "الحدين" التي تقع في أطراف محافظة البحيرة، بعد
عام تقريباّ من رحيلها عن القرية للعمل لدي احدي العائلات الثرية في حي
الزمالك بالقاهرة، عودتها أشعلت النيران في نفوس فتيات القرية بعدما شاهدوا
الخير الواضح عليها وعلي عائلاتها.ويقول شيخ القرية الحاج مصطفى
زيدان، "قصة اشتغال فتيات القرية في "خدمة البيوت" بدأت منذ أكثر من 20
عاماً مع سياسة الانفتاح الاقتصادي، وانتشار حاجات الأغنياء لمثل هذه النوع
من المهن خاصة في شاليهات الغردقة وشرم الشيخ والساحل الشمالي وقصور
الأغنياء العرب والمصريين بالمناطق الراقية".وارجع الحاج زيدان
انتشار هذه الظاهرة للتقليد والغيرة بين الفتيات لتقليد بعضهن ويضيف :"رغم
المشاكل التي توجه الكثير من الفتيات في عملهم إلا أن التدفق مازال مستمر،
والذي يزيد في فصل الصيف".قصة قرية "الحدين"، يعرفها تقريباً اغلب
أهالي محافظة البحيرة، ويقدر الأهالي هناك عدد الفتيات اللاتي يعملن في [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] بأكثر من 6 ألاف فتاة، تتراوح
أعمارهن بين 7 أعوام و30 عاما، بعضهن متعلمات وأكثرهن لا يجدن القراءة
والكتابة، الغريب أن هذا العدد يشكل نصف نساء القرية تقريبا، والتي يبلغ
إجمالي عدد سكانها حوالي 28 ألف، يبقى أن نعرف أن هذه القرية تابعة لمركز
كوم حمادة، وتبعد عن مدينة دمنهور عاصمة المحافظة مسافة 50 كيلو متراً.دجاجة
تبيض ذهب

خصوصية قرية "الحدين" في ظاهرة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] جعل من بناتها ثروة لوالديها،
ويعتبرون الفتيات "دجاجة تبيض ذهبا" على حد قول احدي سيدات القرية العجائز،
وهذا يجعلهم لا يفرطون فيها للزواج إلا بعد أن يُدفع فيها مهر يصل للاف
الجنيهات، وشبكة تتجاوز أحيانا أكثر من نصف كيلو من الذهب.

اهالى
القرية يعتبرون الفتيات "دجاجة تبيض ذهبا"، وهذا يجعلهم لا يفرطون فيها
للزواج إلا بعد أن يُدفع فيها مهر يصل للاف الجنيهات

بسهولة
ستلاحظ حال رجال القرية، من انتشارهم علي المقاهي وسط ساعات النهار،
فالعمل لم يعد يشغلهم طالما بناتهم يجنين لهم الأرباح كل شهر، وهذا ما
سيجعل مشاهدة فتاة تسير في الشارع حدثاُ نادراً، إلا إذا كانت في إجازة، أو
لم تعد قادرة صحياً علي الخدمة في البيوت.



مظهر القرية الخارجية يشبه حال أغلب قري مصر ألان، خليط بين المنازل
القديمة والحديثة، القرية محاطة برقع زراعية من كل جانب وان كانت بدأت
تتلاشي بسبب الزحف العمراني عليها.شوارع القرية تبدو هادئة في ساعات
النهار، فما بالنا بساعات الليل، ويميل اغلب السكان للتحفظ عند ذكر موضوع
"الخدمة في البيوت" رغم أنها ظاهرة تشترك فيها اسر القرية الفقيرة
والميسورة، بعض من أهل القرية تحدثوا بصعوبة ، مثل الحاج مصطفي زيدان"
الخدمة في البيوت لم تعد مقصورة على أسر القرية الفقيرة فالعدوى انتشرت
وطالت الأسر الميسورة".الهروب من المدرسة

ليس من المستغرب
إن تجد الأهل يخرجون فتاتهم من المدرسة لكي تمتهن الخدمة في البيوت، تقول
وفاء سليمان – 17 سنة :"تركت المدرسة وأنا في الصف الثاني الإعدادي للتفرغ
للعمل، خاصة وان أبي قد توفي وقتها وأجبرتني أمي على العمل كخادمة في
شاليهات إحدى الأسر المغربية بالغردقة".وتحكي وفاء طبيعة عملها،
والمهام التي تقوم بها:"شغلي بيكون في عمليات تنظيف الشالية يوميا، ورعاية
أطفال الأسرة، وكذلك إعداد الطعام والمشروبات، وذلك مقابل 700 جنيه شهريا،
تأخذها أمي أثناء عودتي في الأجازات الشهرية، وهي أربعة أيام".حلم
وفاء أن تتزوج مثل ابنة عمها وتقول،:"بعد عودة ابنة عمي بمال كثير من عملها
، استطاعت شراء جهاز عُرسها من كبرى المحلات بالقاهرة، ووصل ثمنه إلى 80
ألف جنيه، جمعتها من عملها لمدة خمس سنوات".ورغم أن وفاء لم تشتكي
من معاملة "مخدومتها" إلا أن هذا ليس حال الجميع، فشيماء مصطفى -25 سنة،
والتي تعمل بشرم الشيخ، وفي إجازة لدى عائلتها بالقرية، تقول :" أتلقي من
الناس الذين اعمل معهم معاملة سيئة تبدأ بالسب وتصل أحيانا للضرب، والخصم
من المرتب في أحيان أخرى إذا ما تم كسر شيء بسيط من مقتنيات الشالية".وأضافت
"اللي مصبرني إني مخطوبة منذ ثلاث سنوات لأحد شباب القرية، وأريد تجهيز
نفسي، وشراء بيت جديد لأسرتي، وخصوصا بعدما رأيت إحدى زميلاتي من القرية
وقد حققت لأهلها ثراء كبير وتغيرت أحوالهم، واشتروا أرضا، وتزوجت من أجنبي
كانت تعمل لديه بشرم الشيخ".ألف جنيه للمتعلمة

ليس كل
القرية فتيات لم يحصلن علي قسط من التعليم، فقد اكتشف أهل القرية أن
التعليم ليس فقط ينير العقل، ولكنه أيضا يرفع من راتب الفتيات

ليس
كل القرية فتيات لم يحصلن علي قسط من التعليم، فقد اكتشف أهل القرية أن
التعليم ليس فقط ينير العقل، ولكنه أيضا يرفع من راتب الفتيات، مروة سعيد"
-18 سنة- طالبة وتدرس حالياً بأحد معاهد الخدمة الاجتماعية فوق المتوسطة،
وتقول:" دراستي لم تمنعني من ممارسة عملي لدي إحدى الأسر في فترة الصيف،
فأسافر معهم تقريبا كل عام للساحل الشمالي منذ 4 سنوات".وترى مروة
أن استمرارها في التعليم سيرفع كثيراً من أجرها، فصاحبات المؤهلات العليا
يكون التعامل معهن ماديا بشكل أفضل ويصبحن مطلوبات من الأسر الثرية
والعربية، وحالياً مرتب مروة ألف جنيه شهريا، وتطمح في المزيد بعد إتمام
دراستها. أكثر ما يضايق مروة، نظرة البعض لهن، وتقول :" كتير من
الناس شايفنا فتيات جهلة وعبيطة جايين من الريف، ويمكن إغرائهم بالمال
مقابل التنازل عن أشياء كثيرة".المغالاة في المهر

لا يعرف
احد في القرية تحديد، ما إذا كان غلاء المهور كانت نتيجة لعمل الفتيات في
المنازل أم سبب لذلك، وتوضح، هيام فتحي -20 سنة- تركت مبكراً مهنة العمل
بالمنازل، أن التنافس بين العائلات في القرية خاصة عائلتي "شكري" و"زيدان"
في المغالاة في المهور وتجهيز العرائس؛ دفع فتيات القرية للبحث عن فرصة عمل
تحقق لهن الثراء، وتضمن لهن فرصة زواج".وتضيف "أجرة الفتاة العاملة
بالقرية، في الزراعة وجني المحاصيل، لا يتعدى العشرة جنيهات يوميا، وهو
عمل موسمي غير دائم، لهذا تهرب الفتيات للخدمة في البيوت".هيام لم
تتزوج بعد، وتري أن اغلب شباب القرية يبحث عن الفتاة التي تعمل خادمة
بالمناطق الساحلية أو حتى في بيوت الأثرياء بالقاهرة لأنها تساعد كثيرا في
تأثيث بيت الزوجية.وتضيف " الفتاة هنا تساعد أبيها ثم زوجها بعد ذلك
على مصاريف البيت، لهذا تجد الكثير من شاب ورجال القرية يجلسون علي
المقاهي بدون عمل".ويقول رفعت محمود: دفعت باثنتين من بناتي للعمل
بشرم الشيخ، بعد أن أتمت كل واحدة منهن دراستها بمدرسة التجارة، ومرتبها
يصل إلى 1200 جنيه.وعن مغلامشاكل والمضايقات التي تحدث لبعض الفتيات
يقول محمود "الكلام كتير، ولازم نتحامل على أنفسنا حتى تتزوج الفتاة".ويبرر
"على رمضان"، احد أباء القرية فكرة السماح لابنته بالعمل في خدمة البيوت
قائلاً:" الفقر شديد، ومفيش فرص عمل، رغم حصول ابنتي علي ليسانس اللغة
العربية".



ويضيف:"لا نعرف شيئا عن الأسرة التي تعمل لديها ابنتي، ولكننا نعتمد على
الثقة في كلام (المتعهد) السمسار، وهو راجل معروف عندنا في البلد".أما
"محمد حشيش" فيقول " لا نجد معاناة في إقناع الفتاة للعمل كخادمة؛ لأنها
منذ الصغر تسمع عن أحوال الفتيات اللاتي سبق لهن العمل بالبيوت، وكيف انقلب
حالهن وحال كل أهلها".وأشار إلى أن بناته الثلاثة يعملن في الساحل
الشمالي، ليتمكن من شراء مستلزمات زواجهن، ومساعدة أخيهم الأكبر في افتتاح
محل تجاري.رغم أن "صباح شوقي"، اعتزلت مهنة العمل بالبيوت إلا أنها
أرسلت ابنتها بدلاً عنها:" ليس أمامنا حل آخر، فهي ابنتي الوحيدة، وأبوها
انقطع عن عمله في الأرض الزراعية، واكتفى بما كنت احصل عليه، وما تحصل عليه
الآن ابنتينا".وتشير إلي أن البنت في القرية تعتبر ثروة كبيرة
لأهلها وزوجها، وتُقام الأفراح عند ولادتها، وتضيف:" بنات القرية اختلفن
كثيرا عن ذي قبل؛ فأصبحن يرتدين أفضل الثياب، ويحرصن على استخدام أدوات
التجميل، وبعضهن يتحدثن باللغات الأجنبية فيما بينهن !!".لم يمنع عم
محمد عبدالقادر كبر سنه (70 سنة ) من استمراره في ممارسة عمل كسمسار محترف
ومتعهد لتشغيل فتيات قرية "الحدين"، ويقول:" بداية عملي في توفير فرص عمل
لفتيات القرية منذ أوائل ثمانينيات القرن الماضي، مع بداية عمليات البناء
على شواطئ المناطق الساحلية كالغردقة وشرم الشيخ والساحل الشمالي.ويضيف
"كنت وقتها عامل بناء، وعرض علي جلب فتيات للعمل في الخدمة، وبدأت القصة
بفتاة ثم أخري، وتعرف بعدها على كثير من أصحاب الشاليهات، وعرضت عليهم جلب
الفتيات للخدمة، ورحب أهالي القرية بذلك، بسبب المرتبات المجزية للفتيات".حالياً
يقضي عم عبدالقادر، فترة الصيف ما بين قرية ومناطق الساحل الشمالي لمقابلة
أصحاب الشاليهات الذين يحتاجون للخادمات، ويتعرف منهم على المواصفات التي
يريدونها ثم يعود إلى القرية وينتقي الفتيات المناسبة لكل أسرة.ويقول
"المرتبات حالياً تضاعفت عن 3 سنوات سابقة، وأصبحت تتراوح ما بين (500
الي2000 جنيه).ويضيف " وده طبعاً حسب البنت وشطارتها، وتعليما
وأمانتها.. وكمان حسب دخل الأسرة التي ستعمل لديها الفتاة ".