أَبُو دُجَانَةَ الأَنْصَارِيُّ سِمَاكُ بنُ خَرَشَةَ بنِ لَوْذَانَ ابْنِ عَبْدِ وُدٍّ بنِ زَيْدٍ السَّاعِدِيُّ.
يُقَالُ: آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُتْبَةَ بنِ غَزْوَانَ.
قَالَ
الوَاقِدِيُّ: ثَبَتَ أَبُو دُجَانَةَ يَوْمَ أُحُدٍ مَعَ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبَايَعَهُ عَلَى المَوْتِ.
مِمَّنْ شَارَكَ فِي قَتْلِ مُسَيْلِمَةَ الكَذَّابِ، ثُمَّ اسْتُشْهِدَ يَوْمَئِذٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: لأَبِي دُجَانَةَ عَقِبٌ بِالمَدِيْنَةِ وَبِبَغْدَادَ إِلَى اليَوْمِ.
عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا وَضَعَتْ الحَرْب أَوْزَارَهَا،
افْتَخَرَ أَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بِأَيَّامِهِم، وَطَلْحَةُ سَاكِتٌ لاَ يَنْطِقُ، وَسِمَاكُ بنُ خَرَشَةَ
أَبُو دُجَانَةَ سَاكِتٌ لاَ يَنْطِقُ. فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِيْنَ رَأَى سُكُوْتَهُمَا: (لَقَدْ
رَأَيْتُنِي يَوْمَ أُحُدٍ وَمَا فِي الأَرْضِ قُرْبِي مَخْلُوْقٌ غَيْرَ
جِبْرِيْلَ عَنْ يَمِيْنِي، وَطَلْحَةَ عَنْ يَسَارِي). وَكَانَ سَيْفُ
أَبِي دُجَانَةَ غَيْرَ ذَمِيْمٍ.
وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ
-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَرَضَ ذَلِكَ السَّيْفَ حَتَّى قَالَ:
(مَنْ يَأْخُذُ هَذَا السَّيْفَ بِحَقِّهِ؟). فَأَحْجَمَ النَّاسُ عَنْهُ.
فَقَالَ أَبُو دُجَانَةَ: وَمَا حَقُّهُ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟ قَالَ:
(تُقَاتِلُ بِهِ فِي سَبِيْلِ اللهِ حَتَّى يَفْتَحَ اللهُ عَلَيْكَ، أَوْ
تُقْتَلَ). فَأَخَذَهُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ. فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ
الهَزِيْمَة يَوْمَ أُحُدٍ، خَرَجَ بِسَيْفِهِ مُصْلَتاً وَهُوَ
يَتَبَخْتَرُ، مَا عَلَيْهِ إِلاَّ قَمِيْصٌ وَعِمَامَةٌ حَمْرَاءُ قَدْ
عَصَبَ بِهَا رَأْسَهُ، وَإِنَّهُ لَيَرْتَجِزُ، وَيَقُوْلُ:
إِنِّي امْرُؤٌ عَاهَدَنِي خَلِيْلِي * إِذْ نَحْنُ بِالسَّفْحِ لَدَى النَّخِيْلِ
أَنْ لاَ أُقِيْمَ الدَّهْرَ فِي الكُبُوْلِ * أَضْرِبْ بِسَيْفِ اللهِ وَالرَّسُوْلِ
قَالَ:
يَقُوْلُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّهَا
لَمِشْيَةٌ يُبْغِضُهَا اللهُ وَرَسُوْلُهُ إِلاَّ فِي مِثْلِ هَذَا
المَوْطِنِ).
وَقَالَ زَيْدُ بنُ أَسْلَمَ: دُخِلَ عَلَى أَبِي
دُجَانَةَ وَهُوَ مَرِيْضٌ، وَكَانَ وَجْهُهُ يَتَهَلَّلَ. فَقِيْلَ لَهُ:
مَا لِوَجْهِكَ يَتَهَلَّلُ؟ فَقَالَ: مَا مِنْ عَمَلِ شَيْءٍ أَوْثَقُ
عِنْدِي مِنِ اثْنَتَيْنِ: كُنْتُ لاَ أَتَكَلَّمُ فِيْمَا لاَ
يَعْنِيْنِي، وَالأُخْرَى فَكَانَ قَلْبِي لِلْمُسْلِمِيْنَ سَلِيْماً.
وَعَنْ
أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ: رَمَى أَبُو دُجَانَةَ بِنَفْسِهِ يَوْمَ
اليَمَامَةِ إِلَى دَاخِلِ الحَدِيْقَةِ، فَانْكَسَرَتْ رِجْلُهُ،
فَقَاتَلَ وَهُوَ مَكْسُوْرُ الرِّجْلِ حَتَّى قُتِلَ -رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ-.