أَبُو سُفْيَانَ بنُ الحَارِثِ
هُوَ ابْنُ عَمِّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المُغِيْرَةُ بنُ الحَارِثِ
بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ هَاشِمٍ الهَاشِمِيُّ.
أَخُو نَوْفَل وَرَبِيْعَةَ.
وَكَانَ أَخَا النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْهُمَا حَلِيْمَةُ.
تَلَقَّى
النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الطَّرِيْقِ قَبْلَ
أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ مُسْلِماً، فَانْزَعَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَعْرَضَ عَنْهُ؛ لأَنَّهُ بَدَتْ مِنْهُ أُمُوْرٌ
فِي أَذِيَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَذَلَّلَ
لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى رَقَّ لَهُ.
ثُمَّ
حَسُنَ إِسْلاَمُهُ، وَلَزِمَ هُوَ وَالعَبَّاسُ رَسُوْلَ اللهِ يَوْمَ
حُنَيْنٍ إِذْ فَرَّ النَّاسُ، وَأَخَذَ بِلِجَامِ البَغْلَةِ، وَثَبَتَ
مَعَهُ.
عَنْ عَاصِمِ بنِ عُمَرَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، قَالَ:تَرَاجَعَ النَّاسُ يَوْمَ حُنَيْنٍ.
ثُمَّ
إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحَبَّ أَبَا
سُفْيَانَ هَذَا، وَشَهِدَ لَهُ بِالجَنَّةِ، وَقَالَ: (أَرْجُو أَنْ
يَكُوْنَ خَلَفاً مِنْ حَمْزَةَ).
عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ:
أَنَّ
أَبَا سُفْيَانَ بنَ الحَارِثِ كَانَ يُصَلِّي فِي الصَّيْفِ نِصْفَ
النَّهَارِ، حَتَّى تُكْرَهُ الصَّلاَةُ، ثُمَّ يُصَلِّي مِنَ الظُّهْرِ
إِلَى العَصْرِ.
وَقِيْلَ: كَانَ الَّذِيْنَ يُشَبَّهُوْنَ
بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: جَعْفَرٌ، وَالحَسَنُ بنُ
عَلِيٍّ، وَقُثَمُ بنُ العَبَّاسِ، وَأَبُو سُفْيَانَ بنُ الحَارِثِ.
وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ مِنَ الشُّعَرَاءِ
عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَبُو سُفْيَانَ بنُ الحَارِثِ سَيِّدُ فِتْيَانِ أَهْلِ الجَنَّةِ).
فَحَجَّ، فَحَلَقَهُ الحَلاَّقُ، وَفِي رَأْسِهِ ثُؤْلُوْلٌ، فَقَطَعَهُ، فَمَاتَ، فَيَرَوْنَهُ شَهِيْداً.
وَيُقَالُ: مَاتَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ بِالمَدِيْنَةِ.وصلى عليه عمر.
وَيُقَالُ: مَاتَ بَعْدَ أَخِيْهِ نَوْفَلِ بنِ الحَارِثِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ: لَمَّا احْتُضِرَ أَبُو سُفْيَانَ بنُ الحَارِثِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ قَالَ:
لاَ تَبْكُوا عَلَيَّ، فَإِنِّي لَمْ أَتَنَطَّفْ بِخَطِيْئَةٍ مُنْذُ أَسْلَمْتُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَلأَبِي سُفْيَانَ يَرْثِي النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
أَرِقْتُ فَبَاتَ لَيْلِي لاَ يَزُوْلُ * وَلَيْلُ أَخِي المُصِيْبَةِ فِيْهِ طُوْلُ
وَأَسْعَدَنِي البُكَاءُ وَذَاكَ فِيْمَا * أُصِيْبَ المُسْلِمُوْنَ بِهِ قَلِيْلُ
فَقَدْ عَظُمَتْ مُصِيْبَتُنَا وَجَلَّتْ * عَشِيَّةَ قِيْلَ: قَدْ قُبِضَ الرَّسُوْلُ
فَقَدْنَا الوَحْيَ وَالتَّنْزِيْلَ فِيْنَا * يَرُوْحُ بِهِ وَيَغْدُو جِبْرَئِيْلُ
وَذَاكَ أَحَقُّ مَا سَالَتْ عَلَيْهِ * نُفُوْسُ الخَلْقِ أَوْ كَادَتْ تَسِيْلُ
نَبِيٌّ كَانَ يَجْلُو الشَّكَّ عَنَّا * بِمَا يُوْحَى إِلَيْهِ وَمَا يَقُوْلُ
وَيَهْدِيْنَا فَلاَ نَخْشَى ضَلاَلاً * عَلَيْنَا وَالرَّسُوْلُ لَنَا دَلِيْلُ
فَلَمْ نَرَ مِثْلَهُ فِي النَّاسِ حَيّاً * وَلَيْسَ لَهُ مِنَ المَوْتَى عَدِيْلُ
أَفَاطِمُ إِنْ جَزِعْتِ فَذَاكَ عُذْرٌ * وَإِنْ لَمْ تَجْزَعِي فَهُوَ السَّبِيْلُ
فَعُوْدِي بِالعَزَاءِ فَإِنَّ فِيْهِ * ثَوَابَ اللهِ وَالفَضْلُ الجَزِيْلُ
وَقُوْلِي فِي أَبِيْكِ وَلاَ تَمَلِّي * وَهَلْ يَجْزِي بِفَضْلِ أَبِيْكِ قِيْلُ
فَقَبْرُ أَبِيْكِ سَيِّدُ كُلِّ قَبْرٍ * وَفِيْهِ سَيِّدُ النَّاسِ الرَّسُوْلُ