هل
يمكن أن يصل العلم الي تفسير جامع مانع للسرطان؟ كان ذلك ما يدور في ذهني
وأنا أستمع, في خلال مؤتمر لينداو بالمانيا لعلماء نوبل,
إلي محاضرة للدكتور هرالد زور هاوزن أستاذ علم الفيروسات والحاصل علي
جائزة نوبل في الطب عام2008 لاكتشافه فيروس بابيلوما البشري المسبب
للإصابة بسرطان عنق الرحم وقد تبع ذلك توصل العلماء لأول تطعيم من نوعه لتجنب الإصابة بأحد أنواع السرطان.
ففي محاضرته; حاول الدكتور زور هاوزن أن يقدم لشباب العلماء من دول العالم
النامي والمتقدم صورة واضحة بعض الشيء لأورام السرطان; حيث أكد أن20% من
مسببات السرطان في العالم ترجع للعدوي الفيروسية والبكتيرية, وأكثر من50%
من هذه النسبة ترتكز في أورام الجهاز الهضمي والكبد الناتجة عن الإصابة بالفيروسات الكبدية بي وسي وبكتيريا بيلوري.
إضافة الي ذلك, فإنه في خلال السنوات العشر الأخيرة ظهرت عدة أبحاث تربط بين ارتفاع معدلات استهلاك اللحوم الحمراء والإصابة بأورام
القولون والمستقيم, سواء في دول العالم النامي والمتقدم, لدرجة أنها أصبحت
تصيب الذكور والإناث في مراحل مبكرة من العمر, حيث ساهمت المدنية الحديثة
في زيادة معدل الاستهلاك اليومي للحوم الحمراء. وبالنظر إلي خريطة استهلاك
اللحوم عالميا وربطها بمعدلات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم في نفس الدول, سنجد مثلا وجود علاقة بين معدلات الإصابة في العالم العربي وارتفاع نسب استهلاك لحوم الخراف; في حين تقل نسب استهلاك اللحوم وكذلك الإصابة بسرطان القولون في الهند لانتشار معتقدات دينية تحرم تناول اللحوم وزيادة عدد النباتيين.
ويقول الدكتور زور هاوزن: بالنظر الي أهم مسببات الإصابة بأورام
القولون والمستقيم وجدنا أنه عند مراحل طهو اللحوم أو حتي إعداد اللحوم
مثل السجق واللحوم الباردة والمدخنة تتراكم بها مركبات كيماوية مسرطنة,
كما تم رصد هذه المركبات في روث الأشخاص الذين يتناولون اللحوم الحمراء
بمعدلات يومية, ووجدنا أن هذه المركبات من العوامل الأساسية للإصابة
بسرطانات القولون والرئة, خاصة بين غير المدخنين, في حين أن هذه المركبات
لا تظهر عند استهلاك اللحوم البيضاء مثل الدواجن.
وأضاف
هاوزن لقد ثبت أيضا أن بعض الفيروسات التي قد تكون موجودة في اللحوم
الحمراء مثل فيروسات بابيلوما وبلويوما قد تنتقل للإنسان; خاصة في حالة
عدم الطهو الجيد للحوم, وبالتالي تتسبب في الإصابة بسرطان القولون.
ووفقا للدكتور هاوزن; فإن الحل الأمثل للوقاية من أورام القولون تغيير
النمط الغذائي وخفض معدلات استهلاك اللحوم الحمراء بحيث لا تتعدي3 أو4
مرات أسبوعيا, وألا تزيد قطعة اللحم عن85 جراما, إلي جانب زيادة معدل
استهلاك الخضر والفواكه في الوجبات اليومية, لأنها غنية بمضادات الأكسدة,
وكذلك الاعتماد علي مصادر بديلة للبروتينات كاللحوم البيضاء والبروتينات
النباتية من البقوليات.