| موضوع متكامل عن فصص الانبياء | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
3ola كنز المنتدى
المساهمات : 2644 تاريخ التسجيل : 17/07/2010 العمر : 31 الموقع : https://foura.yoo7.com المزاج : malksh feeh
| موضوع: موضوع متكامل عن فصص الانبياء الأربعاء يوليو 13, 2011 8:06 pm | |
| نبذة:
آتاه الله العلم والحكمة وسخر له الجبال والطير يسبحن معه وألان له الحديد، كان عبدا خالصا لله شكورا يصوم يوما ويفطر يوما يقوم نصف الليل وينام ثلثه ويقوم سدسه وأنزل الله عليه الزبور وقد أوتي ملكا عظيما وأمره الله أن يحكم بالعدل.
--------------------------------------------------------------------------------
سيرته:
حال بنو إسرائيل قبل داود:
قبل البدء بقصة داود عليه السلام، لنرى الأوضاع التي عاشها بنو إسرائل في تلك الفترة.
لقد انفصل الحكم عن الدين..فآخر نبي ملك كان يوشع بن نون.. أما من بعده فكانت الملوك تسوس بني إسرائيل وكانت الأنبياء تهديهم. وزاد طغيان بني إسرائيل، فكانوا يقتلون الأنبياء، نبيا تلو نبي، فسلط الله عليهم ملوكا منهم ظلمة جبارين، ألوهم وطغوا عليهم.
وتتالت الهزائم على بني إسرائيل، حتى انهم أضاعوا التابوت. وكان في التابوت بقية مما ترك آل موسى وهارون، فقيل أن فيها بقية من الألواح التي أنزلها الله على موسى، وعصاه، وأمورا آخرى. كان بنو إسرائيل يأخذون التابوت معهم في معاركهم لتحل عليهم السكينة ويحققوا النصر. فتشروا وساءت حالهم.
في هذه الظروف الصعبة، كانت هنالك امرأة حامل تدعو الله كثيرا أن يرزقها ولدا ذكرا. فولدت غلاما فسمته أشموئيل.. ومعناه بالعبرانية إسماعيل.. أي سمع الله دعائي.. فلما ترعرع بعثته إلى المسجد وأسلمته لرجل صالح ليتعلم منه الخير والعبادة. فكان عنده، فلما بلغ أشده، بينما هو ذات ليلة نائم: إذا صوت يأتيه من ناحية المسجد فانتبه مذعورا ظانا أن الشيخ يدعوه. فهرع أشموئيل إلى يسأله: أدعوتني..؟ فكره الشيخ أن يفزعه فقال: نعم.. نم.. فنام..
ثم ناداه الصوت مرة ثانية.. وثالثة. وانتبه إلى جبريل عليه السلام يدعوه: إن ربك بعثك إلى قومك.
اختيار طالوت ملكا:
ذهب بنو إسرائيل لنبيهم يوما.. سألوه: ألسنا مظلومين؟ قال: بلى.. قالوا: ألسنا مشردين؟ قال: بلى.. قالوا: ابعث لنا ملكا يجمعنا تحت رايته كي نقاتل في سبيل الله ونستعيد أرضنا ومجدنا. قال نبيهم وكان أعلم بهم: هل أنتم واثقون من القتال لو كتب عليكم القتال؟ قالوا: ولماذا لا نقاتل في سبيل الله، وقد طردنا من ديارنا، وتشرد أبناؤنا، وساء حالنا؟ قال نبيهم: إن الله اختار لكم طالوت ملكا عليكم. قالوا: كيف يكون ملكا علينا وهو ليس من أبناء الأسرة التي يخرج منها الملوك -أبناء يهوذا- كما أنه ليس غنيا وفينا من هو أغنى منه؟ قال نبيهم: إن الله اختاره، وفضله عليكم بعلمه وقوة جسمه. قالوا: ما هي آية ملكه؟ قال لهم نبيهم: يسرجع لكم التابوت تجمله الملائكة.
ووقعت هذه المعجزة.. وعادت إليهم التوراة يوما.. ثم تجهز جيش طالوت، وسار الجيش طويلا حتى أحس الجنود بالعطش.. قال الملك طالوت لجنوده: سنصادف نهرا في الطريق، فمن شرب منه فليخرج من الجيش، ومن لم يذقه وإنما بل ريقه فقط فليبق معي في الجيش..
وجاء النهر فشرب معظم الجنود، وخرجوا من الجيش، وكان طالوت قد أعد هذا الامتحان ليعرف من يطيعه من الجنود ومن يعصاه، وليعرف أيهم قوي الإرادة ويتحمل العطش، وأيهم ضعيف الإرادة ويستسلم بسرعة. لم يبق إلا ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلا، لكن جميعهم من الشجعان.
كان عدد أفراد جيش طالوت قليلا، وكان جيش العدو كبيرا وقويا.. فشعر بعض -هؤلاء الصفوة- أنهم أضعف من جالوت وجيشه وقالوا: كيف نهزم هذا الجيش الجبار..؟!
قال المؤمنون من جيش طالوت: النصر ليس بالعدة والعتاد، إنما النصر من عند الله.. (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ).. فثبّتوهم.
وبرز جالوت في دروعه الحديدية وسلاحه، وهو يطلب أحدا يبارزه.. وخاف منه جنود طالوت جميعا.. وهنا برز من جيش طالوت راعي غنم صغير هو داود.. كان داود مؤمنا بالله، وكان يعلم أن الإيمان بالله هو القوة الحقيقية في هذا الكون، وأن العبرة ليست بكثرة السلاح، ولا ضخامة الجسم ومظهر الباطل.
وكان الملك، قد قال: من يقتل جالوت يصير قائدا على الجيش ويتزوج ابنتي.. ولم يكن داود يهتم كثيرا لهذا الإغراء.. كان يريد أن يقتل جالوت لأن جالوت رجل جبار وظالم ولا يؤمن بالله.. وسمح الملك لداود أن يبارز جالوت..
وتقدم داود بعصاه وخمسة أحجار ومقلاعه (وهو نبلة يستخدمها الرعاة).. تقدم جالوت المدجج بالسلاح والدروع.. وسخر جالوت من داود وأهانه وضحك منه، ووضع داود حجرا قويا في مقلاعه وطوح به في الهواء وأطلق الحجر. فأصاب جالوت فقتله. وبدأت المعركة وانتصر جيش طالوت على جيش جالوت.
جمع الله الملك والنبوة لداود:
بعد فترة أصبح داود -عليه السلم- ملكا لبني إسرائيل، فجمع الله على يديه النبوة والملك مرة أخرى.
وتأتي بعض الروايات لتخبرنا بأن طالوت بعد أن اشتهر نجم داوود أكلت الغيرة قلبه، وحاول قتله، وتستمر الروايات في نسج مثل هذه الأمور. لكننا لا نود الخوض فيها فليس لدينا دليل قوي عليها. ما يهمنا هو انتقال الملك بعد فترة من الزمن إلى داود.
لقد أكرم الله نبيه الكريم بعدة معجزات. لقد أنزل عليه الزبور (وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا)، وآتاه جمال الصوت، فكان عندما يسبّح، تسبح الجبال والطيور معه، والناس ينظرون. وألان الله في يديه الحديد، حتى قيل أنه كان يتعامل مع الحديد كما كان الناس يتعاملون مع الطين والشمع، وقد تكون هذه الإلانة بمعنى أنه أول من عرف أن الحديد ينصهر بالحرارة. فكان يصنع منه الدروع.
كانت الدروع الحديدية التي يصنعها صناع الدروع ثقيلة ولا تجعل المحارب حرا يستطيع أن يتحرك كما يشاء أو يقاتل كما يريد. فقام داوود بصناعة نوعية جديدة من الدروع. درع يتكون من حلقات حديدية تسمح للمحارب بحرية الحركة، وتحمي جسده من السيوف والفئوس والخناجر.. أفضل من الدروع الموجودة أيامها..
وشد الله ملك داود، جعله الله منصورا على أعدائه دائما.. وجعل ملكه قويا عظيما يخيف الأعداء حتى بغير حرب، وزاد الله من نعمه على داود فأعطاه الحكمة وفصل الخطاب، أعطاه الله مع النبوة والملك حكمة وقدرة على تمييز الحق من الباطل ومعرفة الحق ومساندته.. فأصبح نبيا ملكا قاضيا.
القضايا التي عرضت على داود:
يروي لنا القرآن الكريم بعضا من القضايا التي وردت على داود -عليه السلام.
فلقد جلس داود كعادته يوما يحكم بين الناس في مشكلاتهم.. وجاءه رجل صاحب حقل ومعه رجل آخر..
وقال له صاحب الحقل: سيدي النبي.. إن غنم هذا الرجل نزلت حقلي أثناء الليل، وأكلت كل عناقيد العنب التي كانت فيه.. وقد جئت إليك لتحكم لي بالتعويض..
قال داود لصاحب الغنم: هل صحيح أن غنمك أكلت حقل هذا الرجل؟
قال صاحب الغنم: نعم يا سيدي..
قال داود: لقد حكمت بأن تعطيه غنمك بدلا من الحقل الذي أكلته.
قال سليمان.. وكان الله قد علمه حكمة تضاف إلى ما ورث من والده: عندي حكم آخر يا أبي..
قال داود: قله يا سليمان..
قال سليمان: أحكم بأن يأخذ صاحب الغنم حقل هذا الرجل الذي أكلته الغنم.. ويصلحه له ويزرعه حتى تنمو أشجار العنب، وأحكم لصاحب الحقل أن يأخذ الغنم ليستفيد من صوفها ولبنها ويأكل منه، فإذا كبرت عناقيد الغنم وعاد الحقل سليما كما كان أخذ صاحب الحقل حقله وأعطى صاحب الغنم غنمه..
قال داود: هذا حكم عظيم يا سليمان.. الحمد لله الذي وهبك الحكمة..
وقد ورد في الصحيح قصة أخرى: حَدَّثَنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنِى شَبَابَةُ حَدَّثَنِى وَرْقَاءُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا . فَقَالَتْ هَذِهِ لِصَاحِبَتِهَا إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ أَنْتِ . وَقَالَتِ الأُخْرَى إِنَّما ذَهَبَ بِابْنِكِ . فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ ائْتُونِى بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا . فَقَالَتِ الصُّغْرَى لاَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا . فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى ». قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ قَطُّ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ مَا كُنَّا نَقُولُ إِلاَّ الْمُدْيَةَ.
فتنة داود:
وكان داود رغم قربه من الله وحب الله له، يتعلم دائما من الله، وقد علمه الله يوما ألا يحكم أبدا إلا إذا استمع لأقوال الطرفين المتخاصمين.. فيذكر لنا المولى في كتابه الكريم قضية أخرى عرضت على داود عليه السلام.
جلس داود يوما في محرابه الذي يصلي لله ويتعبد فيه، وكان إذا دخل حجرته أمر حراسه ألا يسمحوا لأحد بالدانا شمامعليه أو إزعاجه وهو يصلي.. ثم فوجئ يوما في محرابه بأنه أمام اثنين من الرجال.. وخاف منهما داود لأنهما دخلا رغم أنه أمر ألا يدخل عليه أحد. سألهما داود: من أنتما؟
قال أحد الرجلين: لا تخف يا سيدي.. بيني وبين هذا الرجل خصومة وقد جئناك لتحكم بيننا بالحق.
سأل داود: ما هي القضية؟ قال الرجل الأول: (إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ). وقد أخذها مني. قال أعطها لي وأخذها مني..
وقال داود بغير أن يسمع رأي الطرف الآخر وحجته: (لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ).. وإن كثيرا من الشركاء يظلم بعضهم بعضا إلا الذين آمنوا..
وفوجئ داود باختفاء الرجلين من أمامه.. اختفى الرجلان كما لو كانا سحابة تبخرت في الجو وأدرك داود أن الرجلين ملكان أرسلهما الله إليه ليعلماه درسا.. فلا يحكم بين المتخاصمين من الناس إلا إذا سمع أقوالهم جميعا، فربما كان صاحب التسع والتسعين نعجة معه الحق.. وخر داود راكعا، وسجد لله، واستغفر ربه..
نسجت أساطير اليهود قصصا مريبة حول فتنة داود عليه السلام، وقيل أنه اشتهى امرأة أحد قواد جيشه فأرسله في معركة يعرف من البداية نهايتها، واستولى على امرأته.. وليس أبعد عن تصرفات داود من هذه القصة المختلقة.. إن إنسانا يتصل قلبه بالله، ويتصل تسبيحه بتسبيح الكائنات والجمادات، يستحيل عليه أن يرى أو يلاحظ جمالا بشريا محصورا في وجه امرأة أو جسدها..
وفاته عليه السلام:
عاد داود يعبد الله ويسبحه حتى مات… كان داود يصوم يوما ويفطر يوما.. قال رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم عن داود: "أفضل الصيام صيام داود. كان يصوم يوما ويفطر يوما. وكان يقرأ الزبور بسبعين صوتا، وكانت له ركعة من الليل يبكي فيها نفسه ويبكي ببكائه كل شيء ويشفي بصوته المهموم والمحموم"..
جاء في الحديث الصحيح أن داود عليه السلام كان شديد الغيرة على نساءه، فكانت نساءه في قصر، وحول القصر أسوار، حتى لا يقترب أحد من نساءه. وفي أحد الأيام رأى النسوة رجلا في صحن القصر، فقالوا: من هذا والله لن رآه داود ليبطشنّ به. فبلغ الخبر داود -عليه السلام- فقال للرجل: من أنت؟ وكيف دخلت؟ قال: أنا من لا يقف أمامه حاجز. قال: أنت ملك الموت. فأذن له فأخذ ملك الموت روحه.
مات داود عليه السلام وعمره مئة سنة. وشيع جنازته عشرات الآلاف، فكان محبوبا جدا بين الناس، حتى قيل لم يمت في بني إسرائيل بعد موسى وهارون أحد كان بنو إسرائيل أشد جزعا عليه.. منهم على داود.. وآذت الشمس الناس فدعا سليمان الطير قال: أظلي على داود. فأظلته حتى أظلمت عليه الأرض. وسكنت الريح. وقال سليمان للطير: أظلي الناس من ناحية الشمس وتنحي من ناحية الريح. وأطاعت الطير. فكان ذلك أول ما رآه الناس من ملك سليمان.
| |
|
| |
3ola كنز المنتدى
المساهمات : 2644 تاريخ التسجيل : 17/07/2010 العمر : 31 الموقع : https://foura.yoo7.com المزاج : malksh feeh
| موضوع: رد: موضوع متكامل عن فصص الانبياء الأربعاء يوليو 13, 2011 8:07 pm | |
| نبذة:
كان نوح تقيا صادقا أرسله الله ليهدي قومه وينذرهم عذاب الآخرة ولكنهم عصوه وكذبوه، ومع ذلك استمر يدعوهم إلى الدين الحنيف فاتبعه قليل من الناس، واستمر الكفرة في طغيانهم، فأخذ يدعوهم 950 سنة ثم أمره الله ببناء السفينة وأن يأخذ معه زوجا من كل نوع ثم جاء الطوفان فأغرقهم أجمعين.
--------------------------------------------------------------------------------
سيرته:
حال الناس قبل بعثة نوح:
قبل أن يولد قوم نوح عاش خمسة رجال صالحين من أجداد قوم نوح، عاشوا زمنا ثم ماتوا، كانت أسماء الرجال الخمسة هي: (ودَّ، سُواع، يغوث، يعوق، نسرا). بعد موتهم صنع الناس لهم تماثيل في مجال الذكرى والتكريم، ومضى الوقت.. ومات الذين نحتوا التماثيل.. وجاء أبنائهم.. ومات الأبناء وجاء أبناء الأبناء.. ثم نسجت قصصا وحكايات حول التماثيل تعزو لها قوة خاصة.. واستغل إبليس الفرصة، وأوهم الناس أن هذه تماثيل آلهة تملك النفع وتقدر على الضرر.. وبدأ الناس يعبدون هذه التماثيل.
إرسال نوح عليه السلام:
كان نوح على الفطرة مؤمنا بالله تعالى قبل بعثته إلى الناس. وكل الأنبياء مؤمنون بالله تعالى قبل بعثتهم. وكان كثير الشكر لله عزّ وجلّ. فاختاره الله لحمل الرسالة. فخرج نوح على قومه وبدأ دعوته:
يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ
بهذه الجملة الموجزة وضع نوح قومه أمام حقيقة الألوهية.. وحقيقة البعث. هناك إله خالق وهو وحده الذي يستحق العبادة.. وهناك موت ثم بعث ثم يوم للقيامة. يوم عظيم، فيه عذاب يوم عظيم. شرح "نوح" لقومه أنه يستحيل أن يكون هناك غير إله واحد هو الخالق. أفهمهم أن الشيطان قد خدعهم زمنا طويلا، وأن الوقت قد جاء ليتوقف هذا الخداع، حدثهم نوح عن تكريم الله للإنسان. كيف خلقه، ومنحه الرزق وأعطاه نعمة العقل، وليست عبادة الأصنام غير ظلم خانق للعقل.
تحرك قوم نوح في اتجاهين بعد دعوته. لمست الدعوة قلوب الضعفاء والفقراء والبؤساء، وانحنت على جراحهم وآلامهم بالرحمة.. أما الأغنياء والأقوياء والكبراء، تأملوا الدعوة بعين الشك… ولما كانوا يستفيدون من بقاء الأوضاع على ما هي عليه.. فقد بدءوا حربهم ضد نوح.
في البداية اتهموا نوحا بأنه بشر مثلهم:
فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا
قال تفسير القرطبي: الملأ الذين كفروا من قومه هم الرؤساء الذين كانوا في قومه. يسمون الملأ لأنهم مليئون بما يقولون.
قال هؤلاء الملأ لنوح: أنت بشر يا نوح.
رغم أن نوحا لم يقل غير ذلك، وأكد أنه مجرد بشر.. والله يرسل إلى الأرض رسولا من البشر، لأن الأرض يسكنها البشر، ولو كانت الأرض تسكنها الملائكة لأرسل الله رسولا من الملائكة.. استمرت الحرب بين الكافرين ونوح.
في البداية، تصور الكفرة يومها أن دعوة نوح لا تلبث أن تنطفئ وحدها، فلما وجدوا الدعوة تجتذب الفقراء والضعفاء وأهل الصناعات البسيطة بدءوا الهجوم على نوح من هذه الناحية. هاجموه في أتباعه، وقالوا له: لم يتبعك غير الفقراء والضعفاء والأراذل.
هكذا اندلع الصراع بين نوح ورؤساء قومه. ولجأ الذين كفروا إلى المساومة. قالوا لنوح: اسمع يا نوح. إذا أردت أن نؤمن لك فاطرد الذين آمنوا بك. إنهم ضعفاء وفقراء، ونحن سادة القوم وأغنياؤهم.. ويستحيل أن تضمنا دعوة واحدة مع هؤلاء.
واستمع نوح إلى كفار قومه وأدرك أنهم يعاندون، ورغم ذلك كان طيبا في رده. أفهم قومه أنه لا يستطيع أن يطرد المؤمنين، لأنهم أولا ليسوا ضيوفه، إنما هم ضيوف الله.. وليست الرحمة بيته الذي يدخل فيه من يشاء أو يطرد منه من يشاء، إنما الرحمة بيت الله الذي يستقبل فيه من يشاء.
كان نوح يناقش كل حجج الكافرين بمنطق الأنبياء الكريم الوجيه. وهو منطق الفكر الذي يجرد نفسه من الكبرياء الشخصي وهوى المصالح الخاصة.
قال لهم إن الله قد آتاه الرسالة والنبوة والرحمة. ولم يروا هم ما آتاه الله، وهو بالتالي لا يجبرهم على الإيمان برسالته وهم كارهون. إن كلمة لا إله إلا الله لا تفرض على أحد من البشر. أفهمهم أنه لا يطلب منهم مقابلا لدعوته، لا يطلب منهم مالا فيثقل عليهم، إن أجره على الله، هو الذي يعطيه ثوابه. أفهمهم أنه لا يستطيع أن يطرد الذين آمنوا بالله، وأن له حدوده كنبي. وحدوده لا تعطيه حق طرد المؤمنين لسببين: أنهم سيلقون الله مؤمنين به فكيف يطرد مؤمنا بالله؟ ثم أنه لو طردهم لخاصموه عند الله، ويجازي من طردهم، فمن الذي ينصر نوحا من الله لو طردهم؟ وهكذا انتهى نوح إلى أن مطالبة قومه له بطرد المؤمنين جهل منهم.
وعاد نوح يقول لهم أنه لا يدعى لنفسه أكثر مما له من حق، وأخبرهم بتذللـه وتواضعه لله عز وجل، فهو لا يدعي لنفسه ما ليس له من خزائن الله، وهي إنعامه على من يشاء من عباده، وهو لا يعلم الغيب، لأن الغيب علم اختص الله تعالى وحده به. أخبرهم أيضا أنه ليس ملكا. بمعنى أن منزلته ليست كمنزلة الملائكة.. قال لهم نوح: إن الذين تزدري أعينكم وتحتقر وتستثقل.. إن هؤلاء المؤمنين الذي تحتقرونهم لن تبطل أجورهم وتضيع لاحتقاركم لهم، الله أعلم بما في أنفسهم. هو الذي يجازيهم عليه ويؤاخذهم به.. أظلم نفسي لو قلت إن الله لن يؤتيهم خيرا.
وسئم الملأ يومها من هذا الجدل الذي يجادله نوح.. حكى الله موقفهم منه في سورة (هود):
قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (32) قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ إِن شَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ (33) وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (34) (هود)
أضاف نوح إغواءهم إلى الله تعالى. تسليما بأن الله هو الفاعل في كل حال. غير أنهم استحقوا الضلال بموقفهم الاختياري وملئ حريتهم وكامل إرادتهم.. فالإنسان صانع لأفعاله ولكنه محتاج في صدورها عنه إلى ربه. بهذه النظرة يستقيم معنى مساءلة الإنسان عن أفعاله. كل ما في الأمر أن الله ييسر كل مخلوق لما خلق له، سواء أكان التيسير إلى الخير أم إلى الشر.. وهذا من تمام الحرية وكمالها. يختار الإنسان بحريته فييسر له الله تعالى طريق ما اختاره. اختار كفار قوم نوح طريق الغواية فيسره الله لهم.
وتستمر المعركة، وتطول المناقشة بين الكافرين من قوم نوح وبينه إذا انهارت كل حجج الكافرين ولم يعد لديهم ما يقال، بدءوا يخرجون عن حدود الأدب ويشتمون نبي الله:
قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (60) (الأعراف)
ورد عليهم نوح بأدب الأنبياء العظيم:
قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (61) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (62) (الأعراف)
ويستمر نوح في دعوة قومه إلى الله. ساعة بعد ساعة. ويوما بعد يوم. وعاما بعد عام. ومرت الأعوام ونوح يدعو قومه. كان يدعوهم ليلا ونهارا، وسرا وجهرا، يضرب لهم الأمثال. ويشرح لهم الآيات ويبين لهم قدرة الله في الكائنات، وكلما دعاهم إلى الله فروا منه، وكلما دعاهم ليغفر الله لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستكبروا عن سماع الحق. واستمر نوح يدعو قومه إلى الله ألف سنة إلا خمسين عاما.
وكان يلاحظ أن عدد المؤمنين لا يزيد، بينما يزيد عدد الكافرين. فكانت الأجيال توصي من بعدهم بعدم الإيمان بنوح -عليه السلام- ومحاربته ومخالفته. وكان الوالد إذا بلغ ولده وعقل، وصاه ألا يؤمن بنوح أبدا. فحزن نوح غير أنه لم يفقد الأمل، وظل يدعو قومه ويجادلهم، وظل قومه على الكبرياء والكفر والتبجح. وحزن نوح على قومه. لكنه لم يبلغ درجة اليأس. ظل محتفظا بالأمل طوال 950 سنة. ويبدو أن أعمار الناس قبل الطوفان كانت طويلة، وربما يكون هذا العمر الطويل لنوح معجزة خاصة له.
وجاء يوم أوحى الله إليه، أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن. أوحى الله إليه ألا يحزن عليهم. ساعتها دعا نوح على الكافرين بالهلاك:
وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) (نوح)
برر نوح دعوته بقوله:
إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (26) (نوح)
الطوفان:
ثم أصدر الله تعالى حكمه على الكافرين بالطوفان. أخبر الله تعالى عبده نوحا أنه سيصنع سفينة (بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا) أي بعلم الله وتعليمه، وعلى مرأى منه وطبقا لتوجيهاته. أصدر الله تعالى أمره إلى نوح: (وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ) يغرق الله الذين ظلموا مهما كانت أهميتهم أو قرابتهم للنبي، وينهى الله نبيه أن يخاطبه أو يتوسط لهم.
وبدأ نوح ببناء السفينة. كانت سفينة عظيمة الطول والارتفاع والمتانة، وقد اختلف المفسرون في حجمها، وهيئتها، وعدد طبقاتها، ومدة عملها، والمكان الذي عملت فيه، ومقدار طولها، وعرضها، على أقوال متعارضة لم يصح منها شيء. وقال الفخر الرازي في هذا كله: أعلم أن هذه المباحث لا تعجبني، لأنها أمور لا حاجة إلى معرفتها البتة، ولا يتعلق بمعرفتها فائدة أصلا. نحن نتفق مع الرازي في مقولته هذه. فنحن لا نعرف عن حقيقة هذه السفينة إلا ما حدثنا الله به. تجاوز الله تعالى هذه التفصيلات التي لا أهمية لها، إلى مضمون القصة ومغزاها المهم.
كان نوح يبني السفينة، ويمر عليه الكفار فيرونه منهمكا في صنع السفينة، والجفاف سائد، وليست هناك أنهار قريبة أو بحار. كيف ستجري هذه السفينة إذن يا نوح؟ هل ستجري على الأرض؟ أين الماء الذي يمكن أن تسبح فيه سفينتك؟ لقد جن نوح، وترتفع ضحكات الكافرين وتزداد سخريتهم من نوح -عليه السلام-. وكانوا يسخرون منه قائلين: صرت نجارا بعد أن كنت نبيا!
إن قمة الصراع في قصة نوح تتجلى في هذه المساحة الزمنية، إن الباطل يسخر من الحق. يضحك عليه طويلا، متصورا أن الدنيا ملكه، وأن الأمن نصيبه، وأن العذاب غير واقع.. غير أن هذا كله مؤقت بموعد حلول الطوفان. عندئذ يسخر المؤمنون من الكافرين، وتكون سخريتهم هي الحق.
انتهى صنع السفينة، وجلس نوح ينتظر أمر الله. أوحى الله إلى نوح أن فوران التنور علامة على بدء الطوفان. قيل في تفسير التنور أنه بركان في المنطقة، وقيل أن الفرن الكائن في بيت نوح، إذا خرج منه الماء وفار كان هذا أمرا لنوح بالحركة.
وجاء اليوم الرهيب، فار التنور. وأسرع نوح يفتح سفينته ويدعو المؤمنين به. حمل نوح إلى السفينة من كل حيوان وطير ووحش زوجين اثنين، بقرا وثورا، فيلا وفيلة، عصفورا وعصفور، نمرا ونمرة، إلى آخر المخلوقات، وذلك لضمان بقاء نوع الحيوان والطير على الأرض، وهذا معناه أن الطوفان أغرق الأرض كلها، فلولا ذلك ما كان هناك معنى لحمل هذه الأنواع من الحيوان والطير. وبدأ صعود السفينة. صعدت الحيوانات والوحوش والطيور، وصعد من آمن بنوح، وكان عدد المؤمنين قليلا.
لم تكن زوجة نوح مؤمنة به فلم تصعد، وكان أحد أبنائه يخفي كفره ويبدي الإيمان أمام نوح، فلم يصعد هو الآخر. وكانت أغلبية الناس غير مؤمنة هي الأخرى، فلم تصعد. وصعد المؤمنون. قال ابن عباس، رضي الله عنهما: آمن من قوم نوح ثمانون إنسانا.
ارتفعت المياه من فتحات الأرض. انهمرت من السماء أمطارا غزيرة بكميات لم تر مثلها الأرض. فالتقت أمطار السماء بمياه الأرض، وصارت ترتفع ساعة بعد ساعة. فقدت البحار هدوئها، وانفجرت أمواجها تجور على اليابسة، وتكتسح الأرض. وغرقت الكرة الأرضية للمرة الأولى في المياه.
ارتفعت المياه أعلى من الناس. تجاوزت قمم الأشجار، وقمم الجبال، وغطت سطح الأرض كله. وفي بداية الطوفان نادى نوح ابنه. كان ابنه يقف بمعزل منه. ويحكي لنا المولى عز وجل الحوار القصير الذي دار بين نوح -عليه السلام- وابنه قبل أن يحول بينهما الموج فجأة.
نادى نوح ابنه قائلا: يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ ورد الابن عليه: قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء عاد نوح يخاطبه: قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ
وانتهى الحوار بين نوح وابنه:
وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ
انظر إلى تعبير القرآن الكريم (وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ) أنهى الموج حوارهما فجأة. نظر نوح فلم يجد ابنه. لم يجد غير جبال الموج التي ترتفع وترفع معها السفينة، وتفقدها رؤية كل شيء غير المياه. وشاءت رحمة الله أن يغرق الابن بعيدا عن عين الأب، رحمة منه بالأب، واعتقد نوح أن ابنه المؤمن تصور أن الجبل سيعصمه من الماء، فغرق.
واستمر الطوفان. استمر يحمل سفينة نوح. بعد ساعات من بدايته، كانت كل عين تطرف على الأرض قد هلكت غرقا. لم يعد باقيا من الحياة والأحياء غير هذا الجزء الخشبي من سفينة نوح، وهو ينطوي على الخلاصة المؤمنة من أهل الأرض. وأنواع الحيوانات والطيور التي اختيرت بعناية. ومن الصعب اليوم تصور هول الطوفان أو عظمته. كان شيئا مروعا يدل على قدرة الخالق. كانت السفينة تجري بهم في موج كالجبال. ويعتقد بعض العلماء الجيولوجيا اليوم إن انفصال القارات وتشكل الأرض في صورتها الحالية، قد وقعا نتيجة طوفان قديم جبار، ثارت فيه المياه ثورة غير مفهومة. حتى غطت سطح الجزء اليابس من الأرض، وارتفعت فيه قيعان المحيطات ووقع فيه ما نستطيع تسميته بالثورة الجغرافية.
استمر طوفان نوح زمنا لا نعرف مقداره. ثم صدر الأمر الإلهي إلى السماء أن تكف عن الإمطار، وإلى الأرض أن تستقر وتبتلع الماء، وإلى أخشاب السفينة أن ترسو على الجودي، وهو اسم مكان قديم يقال أنه جبل في أرض الجزيرة أو العراق. طهر الطوفان الأرض وغسلها. قال تعالى في سورة (هود):
وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) (هود)
(وَغِيضَ الْمَاء) بمعنى نقص الماء وانصرف عائدا إلى فتحات الأرض. (وَقُضِيَ الأَمْرُ) بمعنى أنه أحكم وفرغ منه، يعني هلك الكافرون من قوم نوح تماما. ويقال أن الله أعقم أرحامهم أربعين سنة قبل الطوفان، فلم يكن فيمن هلك طفل أو صغير. (وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ) بمعنى رست عليه. (وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي هلاكا لهم. طهر الطوفان الأرض منهم وغسلها. ذهب الهول بذهاب الطوفان. وانتقل الصراع من الموج إلى نفس نوح.. تذكر ابنه الذي غرق.
لم يكن نوح يعرف حتى هذه اللحظة أن ابنه كافر. كان يتصور أنه مؤمن عنيد، آثر النجاة باللجوء إلى جبل. وكان الموج قد أنهى حوارهما قبل أن يتم.. فلم يعرف نوح حظ ابنه من الإيمان. تحركت في قلب الأب عواطف الأبوة. قال تعالى في سورة (هود):
وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) (هود)
أراد نوح أن يقول لله أن ابنه من أهله المؤمنين. وقد وعده الله بنجاة أهله المؤمنين. قال الله سبحانه وتعالى، مطلعا نوحا على حقيقة ابنه للمرة الأولى:
يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46) (هود)
قال القرطبي -نقلا عن شيوخه من العلماء- وهو الرأي الذي نؤثره: كان ابنه عنده -أي نوح- مؤمنا في ظنه، ولم يك نوح يقول لربه: (إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي) إلا وذلك عنده كذلك، إذ محال أن يسأل هلاك الكفار، ثم يسأل في إنجاء بعضهم. وكان ابنه يسرّ الكفر ويظهر الإيمان. فأخبر الله تعالى نوحا بما هو منفرد به من علم الغيوب. أي علمت من حال ابنك ما لم تعلمه أنت. وكان الله حين يعظه أن يكون من الجاهلين، يريد أن يبرئه من تصور أن يكون ابنه مؤمنا، ثم يهلك مع الكافرين.
وثمة درس مهم تنطوي عليه الآيات الكريمة التي تحكي قصة نوح وابنه. أراد الله سبحانه وتعالى أن يقول لنبيه الكريم أن ابنه ليس من أهله، لأنه لم يؤمن بالله، وليس الدم هو الصلة الحقيقية بين الناس. ابن النبي هو ابنه في العقيدة. هو من يتبع الله والنبي، وليس ابنه من يكفر به ولو كان من صلبه. هنا ينبغي أن يتبرأ المؤمن من غير المؤمن. وهنا أيضا ينبغي أن تتصل بين المؤمنين صلات العقيدة فحسب. لا اعتبارات الدم أو الجنس أو اللون أو الأرض.
واستغفر نوح ربه وتاب إليه ورحمه الله وأمره أن يهبط من السفينة محاطا ببركة الله ورعايته. وهبط نوح من سفينته. أطلق سراح الطيور والوحش فتفرقت في الأرض، نزل المؤمنون بعد ذلك. عاش نوح وأبناءه والمؤمنون في الأرض ما شاء الله لهم. ويقال أن الله لم يجعل لأحد ممن كان معه من المؤمنين نسلا ولا عقبا سوى نوح -عليه السلام-، فكل من على وجه الأرض اليوم من سائر أجناس بني آدم، ينسبون إلى أولاد نوح الثلاثة الذين نجوا وهم سام، وحام، ويافث | |
|
| |
3ola كنز المنتدى
المساهمات : 2644 تاريخ التسجيل : 17/07/2010 العمر : 31 الموقع : https://foura.yoo7.com المزاج : malksh feeh
| موضوع: رد: موضوع متكامل عن فصص الانبياء الأربعاء يوليو 13, 2011 8:08 pm | |
| علة خلق آدم (ع) يروى أن الأرض كانت، قبل خلق آدم (ع)، معمورة بالجن والنسناس والسباع، وغيرها من الحيوانات، وأنه كان لله فيها حجج وولاة، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
وحدث أن طغت الجن وتمردوا، وعصوا أمر ربهم. فغيروا وبدلوا، وأبدعوا البدع، فأمر الله سبحانه الملائكة، أن ينظروا إلى أهل تلك الأرض، وإلى ما أحدثوا وأبدعوا، إيذاناً باستبدالهم بخلق جديد، يكونون حجة له في أرضه، ويعبد من خلالهم.
ثم إنه سبحانه وتعالى قال لهم: {إني جاعلٌ في الارض خليفة}. فقالوا: سبحانك ربنا: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} كما أفسدت الجن؟ فاجعل الخليفة منا نحن الملائكة، فها نحن {نسبِّحُ بحمدك ونقدِّسُ لك}، ونطيعك ما تأمرنا. فقال عزّ من قائل: {إنّي أعلمُ مالاتعلمون}.
وبعث اللهُ الملك جبرائيل (ع) ليأتيهُ بترابٍ من أديم الأرض، ثم جعله طيناً، وصيَّرهُ بقُدرتهِ كالحمإ المسنون، ثم كالفخّار، حيث سوّاه ونفخ فيه من روحه، فإذا هو بشرٌ سويّ، في أحسن تقويم.
خلق حواء وزواج آدم منها
سمّى اللهُ سبحانه وتعالى مخلوقه الجديد، آدم، فهو الذي خلقه من أديم الأرض، ثم إنه عزّوجلّ، خلق حوّاء من الطين الذي تبقى بعد خلق آدم وإحيائه.
ونظر آدم (ع) فرأى خلقاً يشبهه، غير أنها أنثى، فكلمها فردت عليه بلغته، فسألها: "من تكون؟" فقالت: "خلق خلقني الله".
وعلَّم اللهُ آدمَ الأسماء كلها، وزرع في نفسه العواطف والميول، فاستأنس بالنظر إلى حوّاء والتحدث إليها، وأدناها منه، ثم إنّهُ سألَ الله تعالى قائلاً: "ياربّ من هذا الخلقُ الحسن، الذي قد آنسني قربه والنظر إليه؟!" وجاءه الجواب: "أن ياآدم، هذه حوّاء.. أفتحبُّ أن تكون معك، تؤنسك وتحادثك وتأتمر لأمرك؟" فقال آدم (ع): "نعم ياربّ، ولك الحمدُ والشكرُ مادمتُ حيا." فقال عزّوجلّ: "إنّها أمتي فاخطبها إليّ". قال آدم (ع): "يارب، فإني أخطبها إليك، فما رضاك لذلك؟" وجاءه الجواب: "رضاي أن تعلمها معالم ديني.." فقال آدم(ع): "لك ذلك يارب، إن شئت". فقال سبحانه: "قد شئت ذلك، وأنا مزوجها منك".
فقبل آدم بذلك ورضي به.
تكريم الله لآدم ورفض إبليس السجود له
أراد الله عزوجل، أن يعبد من طريق مخلوقه الجديد، فأمر الملائكة بالسجود إكراماً له، بمجرد أن خلقه وسواه ونفخ فيه من روحه، فخرت الملائكة سُجّداً وجثيّا.
وكان إبليس، وهو من الجن، كان في عداد الملائكة حينما أمرهم الله بالسجود إكراماً لآدم(ع). وكان مخلوقاً من النار، شديد الطاعة لربّه، كثير العبادة له، حتى استحق من الله أن يقربه إليه، ويضعه في صف الملائكة... ولكن إبليس عصى هذه المرّة الأمر الإلهي، بالسجود لأدم(ع)، وشمخ بأنفه، وتعزز بأصله، وراح يتكبر ويتجبر، وطغى وبغى، وظل يلتمس الأعذار إلى الله سبحانه، حتى يعفيه من السجود لآدم(ع).
وما فتئ يتذرّعُ بطاعته لله وعبادته له، تلك العبادة التي لم يعبد الله مثلها ملكٌ مقرَّب، ولانبيٌّ مرسل... وأخذ يحتجُّ بأنّ الله خلقه من نار، وأن آدم مخلوق من تراب، والنار خير من التراب وأشرف: {قال: أنا خيرٌ منه، خلقتني من نارٍ وخلقته من طين}. {أأسجد لمن خلقت طينا}!.
ولما كان الله سبحانه وتعالى، يريد أن يُعبَدَ كما يُريد هو، ومن حي يريد، لاكما يريد إبليس اللعين هذا، صب عليه سوط عذاب، وطرده من الجنة، وحرّمها عليه، ومنعه من اختراق الحجب، التي كان يخترقها مع الملائكة (ع).
ولما رأى إبليس غضب الخالق عليه، طلب أن يجزيه الله أجر عبادته له آلاف السنين، وكان طلبُه أن يمهله الله سبحانه في الدنيا إلى يوم القيامه، وهو ينوي الإنتقام من هذا المخلوق الترابي، الذي حُرِمَ بسببه الجنة، وأصابته لعنة الله. كما طلب أيضاً، أن تكون له سلطة على آدم وذريّته، وظلّ يكابر ويعاند، ويدّعي أنّهُ أقوى من آدم، وخير منه: {قال: أرأيتك هذا الذي كرّمت عليّ، لئِنْ أخّرتنِ إلى يوم القيامة، لأحتنكنَّ ذريته إلاّ قليلاً}.
آدم (ع) يستعين بالله
أعطى الله سبحانه وتعالى، أعطى إبليس اللعين ماطلبه وأحبه من نعيم الدنيا، والسلطة على بني آدم الذين يطاوعونه، حتى يوم القيامة، وجعل مجراه في دمائهم، ومقرّه في صدورهم، إلا الصالحين منهم، فلم يجعل له عليهم سلطانا: {قال: إذهب فمن تبعك منهم فإنّ جهنم جزاؤكم جزاءً موفورا... إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا}.
وعرف آدم ذلك، فلجأ إلى ربّه مستعصما، وقال: "يا ربّ! جعلت لإبليس سلطة عليّ وعلى ذرّيتي من بعدي، وليس لقضائك رادٌّ إلاّ أنت، وأعطيته ما أعطيته، فما لي ولولدي مقابل ذلك؟" فقال سبحانه وتعالى: "لك ولولدك: السيئة بواحدة، والحسنة بعشرة أمثالها" فقال آدم (ع): "متذرعاً خاشعا: يارب زدني، يارب زدني". فقال عزّوجلّ: "أغفِرُ ولاأُبالي" فقال آدم (ع) "حسبي يارب، حسبي".
نسيان آدم وحواء وخطيئتهما
أسكن الله سبحانه آدم وحواء الجنة، بعد تزويجهما: {وإذ قلنا ياآدم أسكن أنت وزوجك الجنة} وأرغد فيها عيشهما، وآمنهما، وحذّرهما إبليس وعداوته وكيده، ونهاهما عن أن يأكلا من شجرة كانت في الجنة، تحمل أنواعاً من البر والعنب والتين والعناب، وغيرها من الفواكه مما لدّ وطاب: {وكلا منها رغداً حيث شئتما ولاتقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين}.
وجاءهما الشيطان بالمكر والخديعة، وحلف لهما بالله أنه لهما لمن الناصحين، وقال: إني لأجلك ياآدم، والله لحزين مهموم... فقد أنست بقربك مني... وإذا بقيت على هذا الحال، فستخرج مما أنت فيه إلى ما أكرهه لك.
نسي آدم(ع) تحذير الله تعالى له، من إبليس وعداوته، وغرّه تظاهر إبليس بالعطف عليه والحزن لأجله، كما زعم له، فقال لإبليس: "وما الحيلة التي حتى لاأخرج مما أنا فيه من النعيم؟" فقال اللعين: "إنّ الحيلة معك:" {أفلا أدلك على شجرة الخلد ومُلكٍ لايبلى}؟ وأشار الى الشجرة التي نهى الله آدم وحوّاء عن الأكل منها، وتابع قائلاً لهما: {مانهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلاّ أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين}.
وازدادت ثقة آدم(ع) بإبليس اللعين، وكاد يطمئن إليه وهو العدوّ المبين، ثم إنّه استذكر فقال له: "أحقاً ماتقول": فحلف إبليس بالله يميناً كاذباً، أنّهُ لآدم من الناصحين، وعليه من المشفقين، ثم قال له: "تأكل من تلك الشجرة أنت وزوجك فتصيرا معي في الجنة إلى الأبد".
لم يظنّ آدمُ(ع)، أنّ مخلوقاً لله تعالى يحلف بالله كاذباً، فصدقه، وراح يأكل هو وحوّاء من الشجرة، فكان ذلك خلاف ما أمرهما به الله سبحانه وتعالى.
الخروج من الجنة
ماكاد آدم وحوّاءُ، يأكلا من الشجرة التي نهاهما الله عن الأكل منها، حتى نادى منادٍ من لدن العرش الإلهي، أن: "ياآدم، اخرج من جواري، فإنه لايُجاوِرُني مَن عصانيْ".
وبكى آدم(ع) لما سمع الأمر الإلهيّ له بالخروج من الجنة... وبكت الملائكة لهذا المخلوق الذي سجدت له تكريماً. فبعث الله عزّ وجلّ جبرائيل(ع)، فأهبط آدم إلى الأرض، وتركه على جبل سرنديب في بلاد الهند، وعاد فأنزل حوّاء إلى جُدَّة..
ثم أنّ الله سبحانه وتعالى، أمر آدم أن يتوجّه من الهند إلى مكة المكرّمة، فتوجّه آدم إليها حتى وصل إلى الصفا... ونزلت حواء بأمر الله إلى المروة، حتى التقيا من جديد في عرفة. وهناك دعا آدم ربّه مستغفراً: اللهم بحق محمد وآله والأطهار، أقلني عثرتي، واغفر لي زلتي، وأعدني إلى الدار التي أخرجتني منها.
الرحمة والغفران
{وتلقى آدم من ربّه كلماتٍ فتاب عليه}.
وأوحى الله عزوجلّ إلى جبرائيل(ع): إني قد رحمت آدم وحوّاء، فاهبط عليهما بخيمةٍ من خيم الجنة، واضربها لهما مكان البيت وقواعده، التي رفعتها الملائكة من قبل، وأنرها لهما بالحجر الأسود. فهبط جبرائيل(ع) بالخيمة ونصبها، فكان المسجد الحرام منتهى أوتادها، وجاء بآدم وحواء إليها.
ثم إنّه سبحانه أمر جبرائيل بأن يُنَحّيهما منها، وأن يبني لهما مكانها بيتاً بالأحجار، يرفع قواعده، ويتم بناءه للملائكة والخلق من آدم وولده، فعمد جبرائيل إلى رفع قواعد البيت كما أمره الله.
وأقال الله آدم عثرته، وغفر زلته، ووعده بأن يعيده إلى الجنة التي أُخرج منها. وأوحى سبحانه إليه، أن: "ياآدم، إني إجمع لك الخير كله في أربع كلمات: واحدة منهن لي، أن تعبدني، ولاتشرك بي شيئاً، وواحدة منهن لك: أجازيك بعملك، أحوجَ ماتكون، وكلمة بيني وبينك: عليك الدعاء ومني الإجابة، وواحدة بينك وبين الناس من ذريتك، ترضى لهم ماترضى لنفسك.
وهكذا، أنزل الله على آدم(ع) دلائل الألوهية والوحدانية، كما علمه الفرائض والأحكام والشرايع، والسنن والحدود.
قابيل يقتل هابيل
كان قابيل أول أولاد آدم(ع). فلما أدرك سنّ الزّواج، أظهر الله سبحانه جنية يقال لها جهانة، في صورة إنسية، فلما رآها قابيل أحبها، فأوحى الله تعالى إلى آدم(ع) أن يزوجها من قابيل ففعل.
ثم لما ولد هابيل، الإبن الثاني لآدم (ع). وبلغ مبلغ الرجال، أهبط الله تعالى إحدى حوريّات الجنة، فرآها هابيل وأحبها، فأوحى الله لآدم (ع) أن يزوجه بها.
ثم إن الله سبحانه وتعالى، أمر نبيه آدم (ع)، أن يضع مواريث النبوة والعلم عند ولده هابيل، ويعرفه بذلك... ولما علم قابيل بذلك، غضب واعترض أباه قائلاً: "أنا أكبر من هابيل، وأنا أحق بهذا الأمر منه".
وتحيّر آدم(ع)، فأوحى الله إليه أن يقول لابنه قابيل: "يابني، إنّ الأمر لم يكن بيدي، وإنّ الله هو الذي أمرني بذلك، ولم أكن لأعصي أمر ربي ثانية، فأبوء بغضبه، فإذا كنت لاتصدقني، فليقرب كل واحدٍ منكما قرباناً إلى الله، وأيُّكما يتقبَّل الله قربانه، يكن هو الأولى، والأحق بالفضل ومواريث النبوة.
قدّم قابيل قرباناً من أيسر ملكه، وقدّم هابيل قربانه من أحسن ماعنده... فتقبل الله سبحانه قربان هابيل، بأن أرسل ناراً تركت قربان قابيل كما هو، ممّا أثار حفيظة قابيل، وأجّج نار الحقد في صدره.
ووسوس له الشيطان بأن: اقتل أخاك فينقطع نسله، وتُريحُ أولادك من بعدم إن كان لك ولد، ثم لايجد أبوك من يعطيه المواريث سواك، فتفوز بها، وذريتك من بعدك..
وسوّلت له نفسه قتل أخيه هابيل، فقتله... وكانت أوّل جريمة على وجه الأرض، نفّرَت الوحوش والسّباع والطيور، خوفاً وفرقا.
ولم يدر قابيل كيف يخفي جريمته... وماذا يصنع بجسد أخيه الملقى على الأرض بلا حراك؟... ويبعث الله تعالى غرابين يقتتلان في الجو، حتى يقتل أحدهما الآخر، ثم يهوي وراءه إلى الأرض، فيحفر، بمخالبه حفرة، يدفن فيها صاحبه، وقابيل ينظر ويرى.
أدرك قابيل عجزه وضعفه وقال: "ياويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغُراب فأواري سوأة أخي} وأدفنُ جُثّتهُ، كما دفن هذا الطائر الصغير الحقيرُ صاحِبُه المقتول؟! {فأصبح من النّادمين}.
ذرية آدم(ع)
ولد لآدم وحواء سبعون بطنا، على مايُروى، وكان أوّل أولادهما قابيل ثم هابيل اللذين لم ينجبا على مايبدو...
ولكن الله جلّ وعلا وهب لآدم وحوّاء إبنهما شيثا (هبة الله) ومن بعده ولد لهما يافث.. فلما أدركا وبلغا مبلغ الرجال، وأراد الله أن يبلغ بالنسل مانرى... وأن يكون ماقد جرى به القلم، من تحريم ماحرّم الله تعالى، من زواج الإخوة وبالأخوات أنزل سبحانه من الجنة حوريتين، هما نزلة ومنزلة، وأمر آدم أ، يزوجهما من شيث ويافث، فكان ذلك... وولد لشيث غلامٌ، وولدت ليافث جارية، فأمر الله تعالى أن يزوج آدم (ع) إبنة يافث من ابن شيث.
ولم يحرم الله آدم وحوّاء من الإناث، فقد رزقهما الله ابنة أسمياها عناق، تزوجت وولدت ولداً اسمه عوج، وصار فيما بعد جباراً شقياً، عدواً لله ولأوليائه، فسلط الله عليه وعلى أمه عناق من قتلهما.
وفاة آدم وحوّاء
انقضت أيام آدم(ع)، فأمره الله أن يوصي إلى ولده شيث، ويدفع إليه مواريث النبوة والعلم والآثار، وأمره بأن يكتم هذا الأمر عن قابيل، حتى لاتتكّرر الجريمة المأساة، ويقتله كما قتل أخاه هابيل من قبل.
وتوفي آدم(ع) ولهُ من الذريّة من ولده وأولاد ولده العدد الكثير، بعد أن عمّر تسعمائة وستين سنة، ودفن في جبل أبي قبيس، ووجهه إلى الكعبة المشرَّفة على ماذكر في كتب السير. ولم تعمرّ حواء بعد آدم إلاّ قليلاً، عاماً واحداً مرضت بعده وماتت، ودفنت إلى جانب آدم(ع).
وفي أيام النبي نوحٍ(ع)، وعندما حصل الطوفان، أوحى الله سبحانه إلى نوحٍ أن يحمل معه في السفينة جثمان أبيه آدم (ع) إلى الكوفة، فحمله إلى ظهر الكوفة، وهو النجف الأشرف، حيث دفنه هناك في المكان المعروف بمرقد نوحٍ(ع)..
| |
|
| |
3ola كنز المنتدى
المساهمات : 2644 تاريخ التسجيل : 17/07/2010 العمر : 31 الموقع : https://foura.yoo7.com المزاج : malksh feeh
| موضوع: رد: موضوع متكامل عن فصص الانبياء الأربعاء يوليو 13, 2011 8:10 pm | |
| لوط علية السلام
نسب لوط(ع) وأحواله هو لوط بن هاران أخ إبراهيم(ع) لأبيه تارخ أي آزر بن ناحور بن ساروغ بن راغو بن فالغ بن شالح بن أفخشذ بن سام بن نوح عليهم السلام.
ولد لوط(ع) في العراق في قرية من قرى الكوفة يقال لها "كوثار" أو "فدّان آرام" وأمه أخت أمّ إبراهيم(ع) وهي ابنة لاحج، وكان نبياً منذراً لم يرسل إلى أحد.
ولوط(ع) هو أخو سارة زوجة إبراهيم(ع) لأمّها.
وكان متحلياً بالتقوى والصبر على المحن وطاعة الله تعالى والشكر له على كل نعمة ودفع النقم، كما كان في غاية الكرم والإستمساك بالذمام وحفظ الجار والضيف، غنياً ذا ثروة من الذهب والفضة وصاحب إبلٍ وغنمٍ وبقرٍ كثير، وله عبيدٌ وإماءٌ كثرٌ.
عاش لوط(ع) في زمن إبراهيم(ع) وولديه إسماعيل وإسحاق عليهما السلام، ولما بُعث إبراهيم(ع) نبياً رسولاً آمن لوط(ع) بنبوَّته ودعا إليه وإلى شريعته، كما ذكر ذلك الله تعالى في كتابه العزيز حيث قال عز من قائل في قصة إبراهيم(ع): {فآمن له لوط}.
ولمَّا اضطرّ إبراهيم(ع) إلى الخروج من وطنه العراق بسبب مضايقة الكافرين له، هاجر لوط(ع) معه كما ورد في القرآن الكريم: {وقال إني مهاجرٌ إلى ربي}.
وتبع لوط(ع) إبراهيم(ع) في رحلاته، وقد ورد ذكره(ع) في أربع عشرة سورة من سور القرآن الكريم هي على التوالي: سورة الأنعام، سورة الأعراف، سورة هود(ع)، سورة الجحر، سورة الأنبياء، سورة الحج، سورة الشعراء، سورة النمل، سورة العنكبوت، سورة الصافات، سورة ص، سورة ق، سورة القمر، وسورة التحريم.
إلى سدوم
خرج لوط(ع) مع إبراهيم(ع) في رحلته من العراق إلى الشام وفلسطين، حيث استقرَّ لوط(ع) في سدون بالقرب من عاموراء، على شاطئ البحر الميت، في مايعرف اليوم بالأردن.
كان أهل سدوم قوماً بخلاء يستثقلون الضيف ويسعون للتخلص منه بشتى الوسائل، وكانوا يسمَّون "أهل المؤتفكة" لأنّهم كانوا أهل إفكٍ ولهوٍ ولغوٍ ودجلٍ وباطلٍ وفساد، لايستحيون من فعل القبيح، يأتون المنكرات بمحضر النساء والبنات كما وصفهم الله تعالى حيث وجّه الخطاب إليهم على لسان نبيِّه لوط(ع): {وتأتون في ناديكم المنكر}.
ليس هذا فحسب، بل كان أهل سدوم أهل ظلم وجور، حتى أن القاضي عندهم كان يحكم لهم على الغرباء، بحقٍ وبغير حق، حيث يُروى أن سارة زوجة إبراهيم(ع) بعثت إلى سدوم رسولاً من قبلها ليستطلع لها أخبار أخيها لوط(ع) ويأتيها بها. فلما وصل الرسول إلى تلك البلاد لقيه رجل من أهلها وضربه بحجر على رأسه، فسال دمه على وجهه وثيابه، ثم أن ذلك الرجل تعلَّق برسول سارة وأخذ يطالبه بأجر على فعلته تلك، بحجة أنَّ الدم الذي سال لو بقي لأضرَّ بجسم الرسول. وبعد مشاحنات ومجادلات دعاه رسول سارة إلى القضاء وهو لايعرف ماذا ستكون النتيجة...
وتوجها إلى قاضي سدوم فما كان منه إلا أن حكم على الرسول المضروب للرجل المعتدي... فعمد رسول سارة إلى حجر وضرب به راس القاضي فشجّه وأسال دمه وولى هارباً وهو يقول له: "ادفع إلى ضاربي هذا مايتوجب لي عليك لقاء ضري إياك".
ومهما يكن من أمر صحة هذه الرواية وطرافتها سواء أكانت صحيحة أم مروية على سبيل التندّر والتهكم والمبالغة في التدليل على ظلم أهل سدوم، فإنها تبقى دليلاً على أن أهل تلك البلاد كانوا يتجاوزون الحدود في أعمالهم وتصرفاتهم.
ويحدثنا المؤرخون أن أهل سدوم كلهم باستثناء أهل بيت واحد هو بيت لوط(ع) كانوا يتضارطون في مجالسهم ونواديهم، ويجتمعون على نكاح الرجل الغريب، ويتوالون على ذلك حتى في محضر نسائهم وبناتهم، كما كانوا يخذفون الغرباء الذين يمرون في ديارهم بالحجارة، فأيهم أصابه حجر أخذوا ماله ونكحوه، وكان لهم قاضٍ يفتي لهم بذلك، بلاحشمة أو حياء، حتى أنهم قطعوا الطريق على المارة خشية هذه الفاحشة المنكرة.
لوط(ع) ينصح أهل سدوم
رأى لوط(ع) عمل أهل تلك البلاد، فساءه ذلك منهم، خصوصاً وأنه كان يعيش بين ظهرانيهم وقد تزوج امرأة منهم، وحاول (ع) إصلاح حالهم، فدعاهم إلى عبادة الله الواحد الأحد، ونهاهم عن الفواحش والمحرمات والمنكرات التي كانوا يرتكبونها. وقد قصَّ القرآن الكريم قصّة تلك الدعوة فقال: {ولوطاً إذ قال لقومه: أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين؟ إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء! بل أنتم قوم مسرفون}.
أما أهل سدوم فكانت ردة فعلهم على هذه الدعوة معاكسة، فراحوا ينهون لوطاً عن استقبال الضيوف ويهددونه بالإخراج من بلادهم إن هو أصر على دعوته وملاحظاته وتأنيبه لهم، ومازادتهم دعوته إلاّ إصراراً على منكرهم، واستمروا في كفرهم وفجورهم، كما حكى ذلك القرآن الكريم: {وماكان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون}.
واستمر لوط(ع) في نصحة وإرشاده، فما كان منهم إلا أن اشترطوا عليه ألاَّ يضيف أحداً من الناس، وإلا طردوه من ديارهم، ولكنه(ع) راح يكرر دعوته لهم، رغم مضايقاتهم له، محاولاً ثنيهم وردعهم عن ارتكاب المحرمات والفواحش، ولكن برفقٍ ولينٍ هذه المرَّة قائلاً لهم: {أتأتون الذكران من العالمين. وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم؟ بل أنتم قوم عادون}!
ولكن الشيطان كان قد استحوذ عليهم وطمس على قلوبهم وأبصارهم وعقولهم، حتى أن لوطاً(ع) كاد ييأس من إصلاح حالهم وهدايتهم إلى الصراط المستقيم، وراح يتطير بالضيوف ويتحاشى استقبالهم، خشية معرفة هؤلاء القوم بهم وسعيهم لارتكاب الفاحشة فيهم.
فقد حدث أن بعث الله الملائكة الذين أمرهم بإنزال العقوبة بأهل سدوم، بعثهم ضيوفاً على لوط(ع) ولوط لايعرف مَنْ هم ولاماذا يريدون، فاستاء من حضورهم وارتبك كما قال تعالى: {ولما جاءت رسلنا لوطاً سئ بهم، وضاف بهم ذرعاً، وقال هذا يوم عصيب} وبات لايدري ماذا يفعل حتى يصرفهم، قبل أ، يعلم أهل سدوم بقدومهم.
زوجة لوط(ع) لاتحفظ سره
ورد الملائكة(ع) على لوط عليه السلام وهو في أرض له يسقي زرعها، ويعمل فيها، وهو لايعرفهم، فطلبوا منه أن يضيفهم عنده فاستحيا ألا يجيبهم إلى طلبهم، رغم ما كان يخشاه عليهم من أهل سدوم، فانطلق أمامهم وراح يلمح لهم في كلامه عن فعل أهل تلك البلاد وسوء تصرفهم، علَّ الضيوف يعلمون فيغيرون رأيهم وينطلقون إلى قرية أخرى يستضيفون أهلها، ولكن الملائكة كانوا يعلمون كل شئٍ عن أفعال أهل سدوم. وكانوا على يقين أنه لن يصيبهم منهم أذى ولا حتى لوط(ع)..
وعرف الملائكة الضيوف مقصد لوط(ع)، ولكنهم قالوا له: نحن أبناء سبيل، أفلا تضيفنا هذه الليلة عندك؟.
قال لوط(ع): إن أهل هذه القرية قوم سوء يأتون المنكر، فهم ينكحون الرجال ويأخذون أموالهم..
فقال الملائكة: لقد تأخرنا فأضفنا الليلة فقط.. وظل يحادثهم في الحقل حتى أرخى الليل سدوله، وهو يقصد أن يذهب بهم إلى بيته دون أن يشعر أهل سدوم بهم.
ثم إن لوطاً(ع) انطلق أمامهم إلى منزله، وأخبر زوجته واهله بأمرهم، قائلاً لها: إنه قد أتانا أضياف هذه الليلة فاكتمي أمرهم ولاتعلمي أهلك بهم، ولكِ عليَّ أن أسامحك بكل مابدرَ منك تجاهي من أذى إلى اليوم.. فقالت: أفعل.
كانت امرأة لوط(ع) على دين قومها، وكانت بينها وبينهم علامة تدلهم ما إذا كان لوط(ع) قد ضيّف أحداً أم لا... وكانت تلك العلامة أن تدخن فوق السطح نهاراً، وأن تشعل فوقه النار ليلاً.
وما أن دخل الملائكة الضيوف منزل لوط(ع) وهو معهم، حتى قامت زوجته وأوقدت ناراً فوق سطح المنزل، ليعلم قومها بضيوف لوط(ع). وهكذا أفشت أمرهم.
لوط (ع) يدافع عن ضيوفه
رأى أهل سدوم النار فوق سطع منزل لوطٍ(ع) وكانت علامة على وجود الضيوف، فتوافدوا إليه يريدون الأضياف ويتهددون لوطاً(ع) قائلين: {أولم ننهك عن العالمين}.
وقد حكى الله ذلك عنهم في كتابه الكريم فقال: { وجاء أهل المدينة يستبشرون. قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون}. وقال: {وجاء قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات. قال ياقوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولاتخزون في ضيفي}.
وأصر أهل سدوم على طلبهم وفعلتهم، فتعجب لوط(ع) من أمرهم وتحير، ولكنه راح يدفعهم ويحول بينهم وبين الوصول إلى ضيوفه، ويجادلهم محاولاً إقناعهم بالإقلاع عن هذه الفاحشة المنكرة، وأنه ما من إنسان عاقل رشيد يقدم على ارتكاب فاحشة اللواط التي يقدمون عليها: {أليس منكم رجل رشيد}؟ تحترمون رأيه لينهاكم عن مثل ذلك؟!
ولكن القوم، وقد أعمى الشيطان بصائرهم، ظلوا يتدافعون للوصول إلى الضيوف.. فراح لوط(ع) يلفتهم إلى أن الله قد أحل لهم النساء وفيهن غنى عن إتيان الرجل وارتكاب تلك الفاحشة المخزية المردية. قائلاً لهم: {ياقوم هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين. هن أطهر لكم فاتقوا الله ولاتخزون في ضيفي... قالوا: لقد علمت مالنا في بناتك من حق وإنك لتعلم مانريد}.
ولما لم ينفع معهم أسلوب اللين والإغراء وتحقيق مطلبهم دون ارتكاب المحرم... أدرك اليأس لوطاً(ع) وعلم أنه يستحيل إصلاحهم وقد فسدت فطرتهم التي فطرهم الله عليها، فقال(ع): {لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد}.
ولم يكن له بهم قوة فآوى إلى ركن شديد... لجأ إلى الله يبثه شكواه ومعاناته من أهل سدوم وهو يتهددهم بعذاب الله الشديد.. ولكنهم هزئوا به وسخروا منه وقالوا له: {ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين}.
الضيوف رسل العذاب
ولم ينفع الوعد والوعيد في ثني أهل سدوم عن ضلالتهم، فراح لوط(ع) يدعو ربه أن يخلصه منهم ومما يعملون، وقد ازداد خوفه وقلقه على ضيوفه، وهو يرى قومه يتدافعون إلى المنزل وهو لايقوى على ردعهم بأي وسيلة و{قال: رب انصرني على القوم المفسدين}.
وجار الرد الإلهي سريعاً وعلى لسان الضيوف الملائكة، فقالوا: {يالوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك، فأسر بأهلك بقطع من الليل ولايلتفت منكم من أحد إلا امرأتك إنها مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب}.
وخاف لوط وحزن ولكن الملائكة طمأنوه: {وقالوا: لاتخف ولاتحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين. إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون}.
وبدأت نذر العذاب تظهر بينما القوم يراودون لوطاً(ع) عنضيفه: {ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر}.. فما هي إلا لحظات حتى أصيب القوم بالعمى، وراحوا يتحسسون الحيطان ليهتدوا إلى الطريق، ومع ذلك لم يرعووا عن غيهم وضلالهم ولم يعتبروا بما حدث لهم، فأخذوا ستهددون لوطاً(ع) ويتوعدونه قائلين: إذا كان الغد كان لنا وله شأن.
وخرج لوط(ع) من سدوم دون أن يلتفت ومعه ابنتاه ولم يخرج معه منهم إلا امرأته.. وتوجه إلى حيث أمره الله تعالى... إلى صوعر وبينا هم في الطريق إذ جاءت الصيحة تعلن نزول العذاب بأهل سدوم. فصرخت امرأة لوط: واقوماه فسقط عليها حجر فدمغها وألحقها بقومها وقد {صبحهم بكرة عذاب مستقر} وجعل الله عالي بلادهم سافلها وأمطر عليها {حجارة من سجّيل منضود. مسومة عند ربك}.
وكانت سبع مدن يسكنها أربعة آلاف أو أربعمئة ألف، وقد أخرج الله من كان فيها من المؤمنين وماكان فيها {غير بيت من المسلمين} هو بيت لوط(ع) {فنجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزاً في الغابرين ثم دمرنا الآخرين}. ذلك أن الله سبحانه أمر جبرائيل فاقتلع تلك البلاد بطرف جناحه، ورفعها حتى بلغ بها عنان السماء. ثم قلبها بمن فيها وما فيها، فجعل عاليها سافلها، وجعل الله مكانها بحرة منتنة لاينتفع بمائها ولابما حولها من الأراضي المحيطة بها، فصارت عبرة لمن اعتبر وآية على قدرة الله وعذابه: {وإنها لبسبيل مقيم} {وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون} وكما قال تعالى: {ولقد تركناها آية بينة لقوم يعقلون... وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم}.
وهكذا لم تنج إلا قرية صوعر التي لجأ إليها نبي الله لوط(ع).. يقول تعالى: {كذبت قوم لوط بالنذر. إنا أرسلنا عليهم حاصباً إلا آل لوط نجّيناهم بسحر. نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر. ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا بالنذر. ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر. ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر. فذوقوا عذابي ونذر. ولقد يسَّرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر}.
{ والمؤتفكة أهوى فغشاها ماغشى فبأي آلاء ربك تتمارى} {إن في ذلك لآية وماكان أكثرهم مؤمنين. وإن ربك لهو العزيز الرحيم}.
وفاة لوط(ع)
لبث لوط بين أهل سدوم حوالي ثلاثين عاماً، يدعوهم إلى عبادة الله، وينهاهم عن ارتكاب الفواحش، وينصح لهم كما أمره الله بذلك إلى أن حق عليهم العذاب ودمر الله عليهم بلادهم بعد أن لم يرتدعوا ولم يؤمنوا بلوط(ع).
ويذكر المؤرخون أنَّ لوطاً(ع) لما أمره الله بترك سدوم. توجه إلى صوعر. يحث نجاه الله برحمته، فظل يدعو إليه ويتعبد له إلى أن وافاه الأجل.
وظلت قصته مع قومه عظة وعبرة لمن {خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى}.
فسلام على لوط {وإن لوطاً لمن المرسلين}.
| |
|
| |
3ola كنز المنتدى
المساهمات : 2644 تاريخ التسجيل : 17/07/2010 العمر : 31 الموقع : https://foura.yoo7.com المزاج : malksh feeh
| موضوع: رد: موضوع متكامل عن فصص الانبياء الأربعاء يوليو 13, 2011 8:12 pm | |
| موسى وهارون عليهما السلام
-1 أما موسى: فهو من كبار أولي العزم من الرسل، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ * إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ * فَلَمَّا جَاءهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ} [غافر: 23-25] -2 وأما هارون: فهو شقيق موسى، وقد بعثه الله رسولاً مع موسى ووزيراً له في رسالته ومعيناً له في دعوته، قال تعالى في شأنهما: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ * فَلَمَّا جَاءهُمْ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ} [يونس: 75-76]
نسبهما:
هما ابنا عمران (عمرام بالعبري) بن قاهت "قاهات" بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن.
وأمهما يوكابد بنت لاوي عمة عمران، ولم يكن الزواج بالعمة حينئذ محرماً، ثم نزل تحريم ذلك على موسى.
وهارون أسبق ميلاداً من موسى بثلاث سنين، ولهما شقيقة اسمها مريم كانت فوق سن الإِدراك حينما ولد موسى.
حياة موسى وهارون عليهما السلام في فقرات:
(أ) أبرز ما تعرض له المؤرخون من حياة موسى وهارون ما يلي:
-1 ولد موسى بعد (64) سنة من وفاة يوسف، أي: بعد (425) سنة من ميلاد إبراهيم وبعد (250) سنة من وفاته، وعاش نحو (120) سنة، والله أعلم.
-2 قبل ميلاد موسى أصاب العبرانيين اضطهاد من فرعون في أرض مصر، وبلغ الاضطهاد ذروته إذ أصدر فرعون أمره بقتل كل مولود ذكر للعبرانيين "بني إسرائيل"، وفي هذه الأثناء ولد موسى، فأوصى الله إلى أمه: {أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: 7].
-3 فأرضعته أمه ثلاثة أشهر، ثم خافت افتضاح أمرها، وخشيت عليه من جنود فرعون المكلَّفين بالبحث عن أولاد العبرانيين الذكور، فصنعت له صندوقاً يحمله في الماء، وألقته في النيل.
-4 وساق الماء الصندوق حتى دنا قصر فرعون المشرف على النيل، ومريم أخت موسى تراقبه عن بعد وتتبع أثره، حتى هيأ الله لهذا الصندوق من يلتقطه من نساء القصر الفرعوني.
قالوا: وقد التقطته ابنة فرعون وأحبته، وأدخلته البلاط الفرعوني، وقد علموا أنه عبراني، وأنه محكوم عليه بالقتل بموجب الأمر الفرعوني العام.
ولما رأته امرأة فرعون قذف الله محبته في فؤادها، واسمها (آسية)، ثم كانت امرأة مؤمنة ضرب الله بها المثل في كتابه: {إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [التحريم: 11].
فطلبت آسية من فرعون -بما لها من دالَّة- أن يبقيه على قيد الحياة ليكون قرة عين لها وله - ولعلهم كانوا في شوق لولد ذكر -، وقالت له: عسى أن ينفعنا إذا كبر عندنا، أو نتخذه ولداً.
وأسموه في القصر (موسى) أي: المنتشل من الماء.
قالوا: وأصل ذلك في اللغة المصرية القديمة: (موريس)، أخذاً من (مو) بمعنى ماء و (أوريس) بمعنى منتشل.
-5 وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً من الهمِّ والقلق على ولدها لما علمت نجاة ولدها، وتبنِّي القصر الملكي له.
-6 بحث نسوة البلاط الفرعون عن مرضع للطفل، فكانوا كلما جاؤوا بمرضع له رفض ثديها.
لقد حرم الله عليه المراضع، وألهمه رفض ثُدِيِهنَ، وذلك ليعيده إلى أمه ويُقرَّ به عينها، ولما رأت أخته مريم أنهم أحبوه واستَحيوه، وهم يبحثون عن مرضع له -ولعلَّها كانت معتادة دانا شمامالقصر الفرعوني- قالت لهم: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ} [القصص: 12]؟ فوافقوا، فدعت أمها، فعرضت عليه ثديها فامتصه بنَهمٍ وشوق، فاستأجروها لإِرضاعه وكفالته.
وبذلك ردّ الله موسى إلى أمه كي تقرّ عينها به، ولا تحزن على فراقه، ولتعلم أن وعد الله حق، فقد رده الله إليها كما أوحى إليها.
-7 تمت مدّة رضاع موسى وكفالته على يدي ظئره في ظن البيت الفرعوني، ويدي أمه في الحقيقة، وأعيد إلى قصر الملك فنشأ وتربى فيه، حتى بلغ أشُدَّه واستوى، وآتاه الله صحة وعقلاً، وقوة وبأساً.
وإذْ أراد الله أن يجعله رسولاً من أولي العزم، ذا شأن في تاريخ الرسالات السماوية، فقد آتاه حكماً وعلماً.
-8 ومما لا شك فيه أنه ظل على صلة بمرضعته -أمه في الحقيقة- التي عرف منها ومن بقية أسرته قصة ولادته ونشأته في القصر الفرعوني، وأنه إسرائيلي من هذا الشعب المضطهد، المسخَّر في مصر على أيدي فرعون وآله وجنوده.
وبالنظر إلى صلته ومكانته في القصر الفرعوني، فقد جعل يعمل على تخفيف الاضطهاد عن بني إسرائيل، ويدفع عنهم الظلم بقدر استطاعته، فصار الإِسرائيليون في مصر يستنصرون به في كل مناسبة.
-9 مرّ موسى ذات يوم في طُرُق المدينة، في وقت خلت فيه الطرقات من الناس -ولعل الأمر كان ليلاً- فوجد رجلين يقتتلان، أحدهما إسرائيلي والآخر مصري.
قالوا: وكان السبب أن المصري الفرعوني أراد أن يسخِّر الإِسرائيلي في عمل، فأبى عليه الإِسرائيلي. ولما رأى الإِسرائيلي موسى استغاث به، فجاء موسى -وكان قوياً شديد البأس- فأخذ بجمع يده فوكز المصري وكزة كانت الضربة القاضية عليه، فلما رآه قتيلاً بين يديه- ولم يكن يريد قتله- قال: {هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين} ورجع يستغفر الله مما فعل.
وأصبح موسى في المدينة خائفاً يترقب، يمرّ في طرقاتها على حذر، وبينما هو في طريقه إذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه مرة ثانية، فأقبل عليه موسى وقال له: {إنك لَغَوي مبين}، أي: صاحب فتن ورجل مخاصمات، ومع ذلك أخذته حماسة الانتصار للإِسرائيلي، فأراد أن يبطش بالذي هو عدوّ لهما، لكنّ الإِسرائيلي ظن أنه يريد أن يبطش به فقال له: {يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمُصْلِحِين} [القصص: 19].
فالتقط الناس كلمة الإِسرائيلي وعرفوا منها أن موسى هو الذي قتل المصري بالأمس، وشاع الخبر ووصل إلى القصر الفرعوني، فتذاكر آل فرعون في أمر موسى والقصاص منه، ولم يَعدم موسى رجلاً ناصحاً مخلصاً ممن له صلة بالقصر، فجاءه من أقصى المدينة - وربما كان ذلك من القصر نفسه، لأن العادة في القصور الملكية أن تكون في أماكن بعيدة عن المساكن العامة وحركة المدينة - وقال له: {يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين}.
-10 قبل موسى نصيحة الرجل، فخرج من المدينة خائفاً يترقب، وهو يقول: {ربّ نجني من القوم الظالمين}.
واتجه إلى جهة بلاد الشام تلقاء مدين، وسار بلا ماء ولا زاد، قالوا: وكان يقتات بورق الأشجار، حتى وصل إلى مدين، وفي مدين سلالة من الأسرة الإِبراهيمية منحدرة من مدين "مديان" بن إبراهيم - أحد أعمام بني إسرائيل -، ولعله قصدها عامداً لعلمه بصلة القربى مع أهلها.
-11 وصل موسى بعد رحلة شاقة إلى مدين، فلما ورد ماءها وجد عليه أُمَّة من الناس يسقون، ووجد من دونهم امرأتين تذودان أغنامهما عن الماء، منتظرتين حتى يتم الرعاة الأقوياء سقيهم.
أخذت موسى غيرة الانتصار للضعيف فقال لهما: ما خطبكما؟ قالتا: {لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ}، واعتذرتا عن عملهما في السقي دون الرجال من أسرتهما فقالتا: {وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} [القصص: 23] أي: فهو لا يستطيع القيام بهذه المهمة.
فنهض موسى وسقى لهما، وانصرفتا شاكرتين له، مبكرتين عن عادتهما، وتولّى موسى إلى الظل، وأخذ يناجي الله ويقول: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: 24].
-12 عجب أبوهما الشيخ الكبر من عودة ابنتيه مبكرتين، فقصتا عليه قصة الرجل الغريب الذي سقى لهما، فأمر إحداهما أن تعود إليه، وتبلغه دعوة أبيها ليجزيه على عمله.
فجاءته تمشي على استحياء، قالت: {إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} [القصص: 25].
فلبى موسى الدعوة، وسار مع ابنة الشيخ، قالوا: وقد طلب منها أن تسير خلفه وتدله على الطريق، لئلا يقع بصره على حركات جسمها، وذلك عفة منه.
-13 دخل موسى على الشيخ الكبير، فرحب به، وقدم له القِرى، وسأله عن خطبه، فقص عليه القصص، ووصف له حاله وحال بني إسرائيل في مصر، قال: {لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [القصص: 25] .
ذكر كثير من المفسرين والمؤرخين أن هذا الشيخ الكبير هو شعيب عليه السلام، واستشكل آخرون ذلك، وعلى كل حال فلا بد أن يكون إما شعيباً أو أحد أقاربه من سلالة مدين، أو أحد المؤمنين الذين نجوا مع شعيب بعد إهلاك أهل مدين، وقد نرجح أن يكون شعيباً لحديث ورد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن لم يبلغ درجة الصحة.
-14 قالت إحداهما: {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ} [القصص: 26]، فأُعجب الشيخ برأي ابنته، وعرض على موسى الزواج من إحدى ابنتيه اللَّتين سقى لهما موسى.
قال: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَةَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّالِحِينَ} [القصص: 27].
وبذلك شرط عليه أن يكون مهر ابنته أن يخدمه ثماني سنين، فإن زادها إلى عشر سنين فهي زيادة غير مفروضة.
فوافق موسى، ونجز العقد مع الشيخ، فقال: "ذلك بيني وبينك أيَّما الأجلين قضيتُ فلا عدوان عليّ والله على ما نقول وكيل".
وتمت المصاهرة بينهما، قالوا: واسم ابنة الشيخ التي صارت زوجاً لموسى "صفورة".
-15 لبث موسى عند صهره الشيخ في مدين يخدمه حسب الشرط، وقضى في خدمته أوفى الأجلين وهو عشر سنين.
وقد ولدت له امرأته "صفورة" في مدين ولداً سماه "جرشوم" ومعناه: غريب المولد.
ثم تحرك قلب موسى أن يعود بأهله إلى مصر، وعزم على المسير واستعد له، ولما أراد الفراق أمر امرأته أن تسأل أباها أن يعطيها من غنمه ما يعيشون به، فأعطاها ما ولدت غنمه في ذلك العام من قالب لون - يقال: شاة قالب لون، أي: على غير لون أمها -.
فعن عقبة بن المنذر فيما رواه البزار، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل أي الأجلين قضى موسى؟ قال: "أبرهما وأوفاهما"، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن موسى عليه السلام لما أراد فراق شعيب عليه السلام، أمر امرأته أن تسأل أباها أن يعطيها من غنمه ما يعيشون به، فأعطاها ما ولدت غنمه في ذلك العام من قالب لون. قال: فما مرت شاة إلا ضرب موسى جنبها بعصاه فولدت قوالب ألوان كلها، وولدت اثنتين أو ثلاثاً كلُّ شاة، وليس فيها فشوش، ولا ضبوب، ولا كميشة تفوت الكف ولا ثغول". أي: جاءت على غير ألوان أمّهاتها سالمة من العيوب.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا فتحتم الشام فإنكم ستجدون بقايا منها وهي السامرية".
-16 سار موسى بأهله من أرض مدين في فصل الشتاء، واستاق الغنم، ولما بلغ إلى قرب الطور ضلَّ الطريق في ليلة باردة. قالوا: وكانت امرأته حاملاً، وأراد موسى أن يوري ناراً فصلد زنده فلم يقدح له، وبينما هو كذلك إذ رأى جانب الطور ناراً، فقال لأهله: {امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه: 10]، أي: من يدله على الطريق إلى مصر.
فلما أتى موسى النار من جانب الشجرة المباركة، سمع نداء: {يا موسى. إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى * وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} [طه: 12-13].
-17 فأوحى الله له ما أوحى، وكلّفه أن يحمل الرسالة إلى الطاغي فرعون، وأعطاه الله الآيات، وطلب موسى من ربه أن يرسل معه أخاه هارون، ليكون له ردءاً، وأثنى موسى على أخيه بين يدي ربه بأنه أفصح منه لساناً، وقال موسى: {رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِي * وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِي} [القصص: 33-34].
قال الله له: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنْ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ} [القصص: 35].
-18 وحمل موسى الرسالة، ومعه المعجزات، ودخل مصر وقابل فرعون مع أخيه هارون، وكان من أمرهما ما سبق أن شرحناه في معجزات موسى عليه السلام.
-19 وخرج موسى ببني إسرائيل من مصر، وأنجاه الله من فرعون وقومه.
ثم ذهب لمناجاة ربه وتلقى من ربه الألواح وفيها الوصايا الإِلهية، وعاد إلى قومه فوجدهم قد عبدوا العجل الذي اتخذه لهم السامريّ، وكان من شأنه معهم ما سبق بيانه عنه الكلام على معجزاته عليه السلام.
-20 ثم طلب من بني إسرائيل أن يدخلوا الأرض المقدسة -وهي أريحا- مجاهدين في سبيل الله بعدما أراهم المعجزات الباهرات، فقالوا له: "إن فيها قوماً جبارين" .. و"إنا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها"، وقالوا له أيضاً: "فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون"!!
فغضب موسى ودعا عليهم فقال: "ربِّ إني لا أملك إلاَّ نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين".
فقال تعالى: {فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ} [المائدة: 26].
وهكذا لبثوا في التيه أربعين سنة، يتردَّدُون في برية سيناء وبرية فاران "صحراء الحجاز"، ويترددون أيضاً حوالي جبال السَّرَاة وأرض ساعير وبلاد الكرك والشوبك. والله أعلم.
-21 من الأحداث التي جرت لموسى عليه السلام لقاؤه بالعبد الصالح -الذي ورد أنه الخضر-، وقصة لقائه به مبسوطةٌ في القرآن الكريم في سورة الكهف.
-22 ومن الأحداث التي جرت له إيذاء قارون له وطعنه افتراءً في شرفه، فدعا موسى عليه فخسف الله به وبداره الأرض، وكان قارون رجلاً غنياً، قد بلغ من غناه أنه كان عنده من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة، فلم تغنِ عنه من الله شيئاً.
-23 ثم أوحى الله إلى موسى أني متوفٍ هارون، فأتِ به إلى جبل كذا وكذا فانطلقا نحوه، فإذا هما بسرير فناما عليه، وأخذ هارونَ الموتُ ورُفع إلى السماء. ورجع موسى إلى بني إسرائيل، فقالوا له: أنت قتلت هارون لحبِّنا إياه، قال موسى: ويحكم أفترونني أقتل أخي؟! فلما أكثروا عليه سأل الله، فأنزل السرير وعليه هارون، وقال لهم: إني مت ولم يقتلني موسى، وكان ذلك في التيه، وكان عمر هارون حين توفي (122) سنة.
-24 ثم توفي موسى عليه السلام بعد أخيه هارون بأحد عشر شهراً في التيه. قالوا: وقد بلغ عمره (120) سنة، ولما جاءه ملك الموت وعلم أن الموت لا بد منه قال: (ربِّ أدنني من الأرض المقدسة رميةً بحجر)، فأُدني من الأرض المقدسة ودفن هناك.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "جاء ملك الموت إلى موسى عليه السلام فقال له: أجب ربك، قال: فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها، قال: فرجع الملك إلى الله فقال: إنك أرسلتني إلى عبدٍ لك لا يريد الموت وقد فقأ عيني، قال: فردّ إليه عينه، وقال: ارجع إلى عبد فقل: الحياة تريد؟ فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متنِ ثورٍ فما وارت يدُك من شعرة فإنك تعيش بها سنة، قال: ثم مَهْ؟ قال: ثم تموت، قال: فالآن من قريب، ربِّ أدنني من الأرض المقدسة رمية بحجر. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "والله لو أني عنده لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر". رواه البخاري ومسلم.
(ب) وقد بسط القرآن الكريم في نَيِّفٍ وثلاثين سورة حياة موسى من ولادته ونشأته، وفراره من مصر، ودخوله أرض مدين، وزواجه ابنة شيخ مدين، وعودته إلى مصر، وتكليم الله له في جانب الطور، وتحميله الرسالة، ودعوته إلى فرعون وملئه، والمعجزات التي جرت في حياته، وخروجه من مصر ببني إسرائيل، ونجاتهم بالمعجزة، وغرق فرعون وجنوده في البحر، ونزول التوراة عليه والصحف، وعبادة قومه العجل، وسائر الأحداث الهامة التي جرت في حياته، مما أوجزناه هنا وفي الكلام عن المعجزات. وما بسطه القرآن الكريم من ذلك في غاية الروعة والإِعجاز، ويحمل من العبر والأخبار ما يدلنا على مدى أهمية رسالته عليه السلام.
| |
|
| |
3ola كنز المنتدى
المساهمات : 2644 تاريخ التسجيل : 17/07/2010 العمر : 31 الموقع : https://foura.yoo7.com المزاج : malksh feeh
| موضوع: رد: موضوع متكامل عن فصص الانبياء الأربعاء يوليو 13, 2011 8:13 pm | |
| أيوب عليه السلام
وقد ذكره الله في عداد مجموعة الرسل عليهم السلام، ففي خطابه لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، مثبتاً له أنه أوحى إليه كما أوحى إلى مجموعة من الرسل ومنهم أيوب، قال الله: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} [النساء: 163].
نسب أيوب:
من المحقَّق أنه من ذرية إبراهيم عليه السلام، لقوله تعالى في معرض الحديث عن إبراهيم: "ومن ذريته داودَ وسليمانَ وأيوبَ ويوسفَ وموسى وهارون".(48 الأنعام/6).
وقد حصل اختلاف في تفصيل نسبه، وقال أبو البقاء في كلياته: "لم يصح في نسبه شيء".
وأقرب ما قيل في نسبه - على ما نظن - هو ما يلي:
فهو أيوب (عليه السلام) بن أموص بن زارح بن رعوئيل بن عيسّو "وهو العيص" ابن إسحاق بن إبراهيم الخليل (عليهما السلام).
حياة أيوب عليه السلام في فقرات:
(أ) أبرز ما تعرض له المؤرخون من حياته عليه السلام ما يلي:
-1 كان أيوب عبداً صالحاً، صاحب غنىً كبير، وأهل وبنين.
قالوا: وكان يملك "البثينة" جميعها، وهي من أعمال دمشق. فقد ابتلاه الله بالرخاء، فآتاه المال والغنى والصحة، وكثرة الأهل والولد، فكان عبداً تقياً، ذاكراً لأنعم الله عليه.
جاء في تفسير المنار: أن أيوب عليه السلام كان أميراً غنياً، عظيماً محسناً.
-2 ثم ابتلاه الله بسلب النعمة، ففقد المال والأهل والولد، ونشبت به الأمراض المضنية المضجرة، فصبر على البلاء، وحمد الله وأثنى عليه، وما زال على حاله من التقوى والعبادة والرضا عن ربه.
-3 فكان في حالتي الرخاء والبلاء مثالاً رائعاً لعباد الله الصالحين، في إرضاء الرحمن وإرغام أنف الشيطان.
-4 قالوا: وكانت له امرأة مؤمنة اسمها (رحمة) من أحفاد يوسف عليه السلام، وقد رافقت هذه المرأة حياة نعمته وصحته، وزمن بؤسه وبلائه، فكانت في الحالين مع زوجها شاكرة فصابرة.
-5 ثم إن الشيطان حاول أن يدخل على أيوب مباشرة في زمن بلائه فلم يؤثّر به، ثم حاول أن يدخل إليه عن طريق امرأته، فوسوس لها، فجاءت إلى أيوب وفي نفسها اليأس والضجر مما أصابه، وأرادت أن تحرك قلبه ببعض ما فيه نفسها، فغضب أيوب وقال لها: كم لبثتُ في الرخاء؟ قالت: ثمانين، قال: كم لبثتُ في البلاء؟ قالت: سبع سنين، قال: أما أستحيي أن أطلب من الله رفع بلائي وما قضيتُ فيه مدة رخائي!!
ثم قال: والله لئن برئت لأضربنك مائة سوط، وحرّم على نفسه أن تخدمه بعد ذلك.
-6 أصبح أيوب بعد ذلك وحيداً يعاني بلاءه ويقاسي شدته صابراً محتسباً، ولما بلغ ذروة الابتلاء: {نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} [ص: 41]، ونادى ربّه: {أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين}.
فقال الله له: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} [ص: 42].
اركض برجلك: أي: اضرب الأرض برجلك، وادفع برجلك مكانا ما في الأرض.
فركض برجله، فلما تفجر له الماء شرب واغتسل، فشفاه الله وعاد أكمل ما كان صحة وقوة.
-7 جاءت إليه امرأته، فشهدت ما منَّ الله به عليه من العافية، ففرحت به وأقبلت عليه، وأراد أيوب أن يبرَّ بيمينه فيها ويضربها مائة سوط، فأوحى الله إليه أن يأخذ ضِغْثاً ويضرب امرأته به، ويكون ذلك قد تحلل من يمينه التي حلفها. وهذه من الحيل الشرعية للبرّ باليمين.
-8 ولما اجتاز أيوب بنجاح باهر دور الابتلاء - في حالتي الرخاء والبلاء - اصطفاه الله واجتباه فجعله رسولاً.
-9 وردَّ الله إليه ما كان فيه من النعمة، ووهب له أهله ومِثلَهم معهم برحمته.
قالوا: وقد ولد له (26) ولداً ذكراً، وكان من أولاده (بِشر) اصطفاه الله وجعله رسولاً، وسماه (ذا الكفل).
-10 ويغلب على الظن أن مقام أيوب عليه السلام كان بالشام (في دمشق أو حواليها)، وأن الله أرسله إلى أمة الروم، ولذلك يذكر بعض المؤرخين أنه من أمة الروم.
-11 قالوا: وقد عاش أيوب (93) سنة.
(ب) وقد عرض القرآن الكريم إلى جوانب يسيرة من حياة أيوب عليه السلام، وهي الأمور التالية:
-1 إثبات نبوته ورسالته، وأن الله أوحى إليه.
-2 إشارة إلى قصة بلائه وما مسَّه من الضر، ثم كشف الضر عنه بمغتسل بارد وشراب، ثم هبة الله له أهله ومثلهم معهم.
-3 إشارة إلى يمينه التي حلفها، والطريقة التي علمه الله أن يبرَّ فيها بيمينه.
قال الله تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ} [الأنبياء: 84].
وقال تعالى: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لأُوْلِي الأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 41-44].
| |
|
| |
3ola كنز المنتدى
المساهمات : 2644 تاريخ التسجيل : 17/07/2010 العمر : 31 الموقع : https://foura.yoo7.com المزاج : malksh feeh
| موضوع: رد: موضوع متكامل عن فصص الانبياء الأربعاء يوليو 13, 2011 8:14 pm | |
| نوح عليه السلام
1].
وقد أرسله الله إلى قومٍ فسد حالهم، ونسوا أصول شريعة الله التي أنزلها على أنبيائه ورسله السابقين، وصاروا يعبدون الأوثان. وقد أثبت القرآن الكريم خمسة أوثان لهم، كانوا يقدسونها ويعبدونها، وهي: (وَدّ - سُوَاع - يَغُوث - يَعُوق - نْسْر). قال الله تعالى: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: 23].
نسب نوح:
يذكر النسَّابون أنه: نوح (عليه السلام) بن لامك بن متوشالح بن إدريس ("أخنوخ" عليه السلام) بن يارد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث (عليه السلام) بن آدم (عليه السلام) أبي البشر. والله أعلم.
حياة نوح مع قومه في فقرات:
وقد ذُكرت قصة نوح مع قومه في ست سور من القرآن الكريم بشكل مفصَّل، وأبرز ما فيها النقاط التالية:
-1 إثبات نبوته ورسالته.
-2 دعوته لقومه دعوة ملحَّة، وثباته وصبره فيها، واتخاذه فيها مختلف الحجج والوسائل.
-3 إعراض قومه عنه، فكلما زادهم دعاءً وتذكيراً زادوه فراراً وإعراضاً، وإصراراً على الباطل، واحتقاراً لأتباعه من الضعفاء.
-4 عبادة قومه الأوثان الخمسة التي مرَّ ذكرها، وضلالهم الكثير.
-5 تنكّر قومه لدعوته، وتكذيبه فيها بحجة أنه رجل منهم، ثم طلبهم إنزال العذاب الذي يَعِدهم به.
-6 شكوى نوح إلى ربه أن قومه عصَوْه، واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلاَّ خساراً.
-7 إعلام أو إخبار الله لنوح بأنه لن يؤمن من قومه إلاَّ من آمن، وذلك بعد زمن طويل لبعثه فيهم وهو يدعوهم ويصبر عليهم، وقد تعاقبت عليه منهم أجيال.
-8 دعوة نوح عليهم بقوله: {رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: 26-27].
-9 أمْرُ الله لنوح أن يصنع السفينة - وقد كان ماهراً في النجارة - وذلك تهيئة لإِنقاذه هو ومَن معه من الطوفان الذي سيغسل الأرض من الكفر.
-10 سخرية قوم نوح منه كلما مرَّ عليه ملأَ منهم ورأَوْهِ يصنع السفينة، وذلك إمعاناً منهم بالضلال وهم يَرَون منذرات العذاب.
-11 حلول الأجل الذي قضاه الله وقدَّره للطوفان، وكان من علامة ذلك أن فار الماء من التَّنُّور.
-12 أمر الله لنوح أن يحمل في السفينة:
(أ) من كلٍّ زوجين اثنين.
(ب)أهله إلاَّ من كفر منهم، ومنهم ولده الذي كان من المُغْرَقين وزوجته.
(ج) الذين آمنوا معه، وهؤلاء قليل.
فركبوا فيها وقالوا: {بِاِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} [هود: 41].
-13 تفجّر عيون الأرض، وانسكاب سحب السماء، ووقوع قضاء الله، ودعوة نوحٍ ولدَه في آخر الساعات قبيل غرقه، ولكن هذا الولد رفض الإِيمان، وظن النجاة بالاعتصام بالجبل وجرت السفينة بأمر الله، وقُضي الأمر، وكان ولد نوح من المغرقين.
-14 تحسُّر نوحٍ على ولده وهو في السفينة تجري بأمر الله وتمنِّيه أن يكون معه ناجياً، وقوله لربه: "إن ابني من أهلي" وعتاب الله له، وإخباره بأن هذا الولد ليس من أهله، لأنه كافر عمل عملاً غير صالح.
-15 ختم القصة بالإِعلان عن انقضاء الأمر:
{وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [هود: 44].
الجودي: جبل في نواحي ديار بكر من بلاد الجزيرة، وهو متصل بجبال أرمينية. ويُسمى في التوراة: "أراراط".
-16 ذِكْرُ المدة التي لبثها نوح في قومه، وهي: ألف سنة إلاَّ خمسين عاماً، فهل هي مجموع حياته، أو هي فترة دعوته لقومه - أي: منذ رسالته حتى وفاته - أو هي منذ ولادته أو رسالته إلى زمن الطوفان؟ كل ذلك محتمل والله أعلم بالحقيقة.
قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمْ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ} [العنكبوت: 14].
ويرجح الرأي الأخير لقوله تعالى: {فأخذهم الطوفان} بعد قوله: {فلبث فيهم ألف سنة إلاَّ خمسين عاماً}، لما تفيده الفاء من الترتيب.
-17 بيان أن الذين بقوا بعد نوح هم ذريته فقط، وذلك في قوله تعالى: {وجعلنا ذريته هم الباقين}.
قال المؤرخون: وهم ذرية أولاده الثلاثة، سام وحام ويافث.
ويقولون أيضاً:
-1 سام: أبو العرب وفارس الروم.
-2 وحام: أبو السودان والفرنج والقبط والهند والسند.
-3 ويافث: أبو الترك والصين والصقالبة ويأجوج ومأجوج.
والله أعلم بالحقيقة.
| |
|
| |
3ola كنز المنتدى
المساهمات : 2644 تاريخ التسجيل : 17/07/2010 العمر : 31 الموقع : https://foura.yoo7.com المزاج : malksh feeh
| موضوع: رد: موضوع متكامل عن فصص الانبياء الأربعاء يوليو 13, 2011 8:15 pm | |
| إلياس واليسع عليهما السلام
هما رسولان من رسل بني إسرائيل، وقد ذكرهما الله في عداد مجموعة الرسل عليهم السلام. قال تعالى: {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ * أَتَدْعُونَ بَعْلا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ * اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ * إِلا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ * سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} [الصافات: 37].
وقال تعالى في شأن اليسع عليه السلام: {وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 86].
نسب إلياس:
لم يتفق المؤرخون على نسب منضبط له، وقد ذكر الطبري له النسب التالي:
هو إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون.
فهو على هذا من ذرية هارون عليه السلام، وهكذا يذهب نسبه صاعداً إلى إبراهيم عليه السلام.
نسب اليسع:
جاء في تاريخ الطبري أنه: (اليسع بن أخطوب).
وجاء في تاريخ ابن خلدون أنه: (اليسع بن أخطوب من سبط أفرايم).
وقيل: هو ابن عم إلياس.
قال ابن عساكر: (اسمه أسباط بن عدي بن شوليم بن افرائيم). والله أعلم.
ومن المقطوع به: أن كلاً من إلياس واليسع من بني إسرائيل، ومن ذرية إبراهيم عليه السلام.
حياة إلياس واليسع عليهما السلام في فقرات:
(أ) ليس لدى المؤرخين صورة صحيحة كاملة عن حياة إلياس واليسع عليهما السلام، إلا أننا نستطيع أن نستخلص من مختلف أقوالهم الأمور البارزة التالية:
-1 عقب انتهاء ملك سليمان عليه السلام في سنة (933)ق.م انقسمت مملكة بني إسرائيل إلى قسمين:
القسم الأول: كان خاضعاً لملك سلالة سليمان بن داود عليه السلام، وأول ملوكهم رُحُبْعام بن سليمان، ويشمل هذا القسم سبطي يهوذا وبنيامين.
القسم الثاني: كان خاضعاً لملك (جربعام) بن ناباط وأسرته من بعده. قالوا: وقد جاءهم (جربعام) من مصر، وهو من سبط أفرايم بن يوسف عليه السلام، وبايعه سائر أسباط بني إسرائيل العشرة، وقد حكمت هذه الأسرة من 933-887ق.م، وهي مدّة (46) سنة تقريباً.
وسبب شقاق الأسباط العشرة عن (رُحُبْعام) بن سليمان، أنه رفض إعفاءهم من الضرائب التي كانت عليهم.
-2 ثم قامت بعد أسرة (جربعام) الحاكمة على أسباط بني إسرائيل العشرة أسرة (عُمْري)؛ وملكت من (887-843)ق.م، وهي مدة (44) سنة تقريباً.
وفي هذه الأثناء-أي نحو (875)ق.م-سمح (أخاب)-أحد ملوك هذه الأسرة-لزوجته إيزابيل بنت أثعيل-ملك صور-أن تقوم بنشر عبادة قومها في بني إسرائيل؛ فشاعت العبادة الوثنية فيهم، فصار لهم صنم يعبدونه يسمونه (بعلاً).
-3 فأرسل الله إليهم (إلياس عليه السلام)، -ويسمى عند المؤرخين: إليشاه أو إيليَّا-فنهاهم عن عبادة الأوثان، وأمرهم بعبادة الله وحده، والرجوع إلى الشريعة الصافية التي جاء بها موسى ومن بعده من أنبياء بني إسرائيل عليهم السلام؛ ونصح بذلك ملكهم (أخاب) فلم يستجب له، وأصرّ على عناده وانحرافه عن الإسلام الخالص من شوائب الوثنية، فانتقم الله منه، فأزال ملكه وملك أسرة عمري على يد (يهوشافاط) وهو من سبط (مِنسَّا) بن يوسف عليه السلام.
-4 وقد آمن بإلياس رجل صالح من بني إسرائيل اسمه: (اليسع = اليشع)، فصاحبه مدة حياته في الأرض ثم أرسله الله من بعده في بني إسرائيل.
-5 جاء في تاريخ الطبري عن ابن إسحاق ما ملخّصه: أن إلياس عليه السلام لما دعا بني إسرائيل إلى نبذ عبادة الأصنام، والاستمساك بعبادة الله وحده، رفضوه ولم يستجيبوا له، فدعا ربه فقال:
اللَّهم إن بني إسرائيل قد أبوا إلا الكفر بك، والعبادة لغيرك، فغيِّر ما بهم من نعمتك. فأوحى الله إليه: إنا جعلنا أمر أرزاقهم بيدك، فأنت الذي تأمر في ذلك، فقال إلياس: اللَّهم فأمسك عنهم المطر، فحبس عنهم المطر، فحبس عنهم ثلاث سنين حتى هلكت الماشية والشجر، وجهد الناس جهداً شديداً. وكان إلياس لما دعا عليهم استخفى عن أعينهم، وكان يأتيه رزقه حيث كان، فكان بنو إسرائيل كلما وجدوا ريح الخبز في دار قالوا: هنا إلياس، فيطلبونه وينال أهلَ ذلك المنزل منهم شرٌّ.
وقد أوى ذات مرة إلى بيت امرأة من بني إسرائيل، لها ابن يقال له، (اليسع بن أخطوب) به ضرٌّ، فأتوه وأخفت أمره، فدعا الله لابنها فعافاه من الضرّ الذي كان به، واتبع إلياسَ وآمن وصدقه ولزمه، فكان يذهب معه حيثما ذهب، وكان إلياس قد أسنّ وكبر، وكان اليسع غلاماً شاباً.
ثم إن إلياس قال لبني إسرائيل: إذا تركتم عبادة الأصنام دعوت الله أن يفرج عنكم، فأخرجوا أصنامهم ومحدثاتهم، فدعا الله لهم ففرج عنهم وأغاثهم، فحييت بلادهم، ولكنهم لم يرجعوا عما كانوا عليه، ولم يستقيموا، فلما رأى ذلك إلياس منهم دعا ربه أن يقبضه إليه فقبضه ورفعه. والله أعلم.
ثم إن الله أرسل إليهم اليسع بعد إلياس.
)ب) أما القرآن الكريم فإنه اقتصر في الحديث عن هذين الرسولين على ما يلي:
-1 إثبات نبوة ورسالة كل من إلياس واليسع.
-2 إثبات دعوة إلياس قومه إلى عبادة الله وحده، ونهيهم عن عبادة الصنم (بعل).
-3 إثبات أن قومه كذبوه إلا عباد الله المخلصين.
-4 إكرام الله له بأن الله ترك في الآخرين سلاماً عليه. | |
|
| |
قاهر الحب إداري
المساهمات : 2262 تاريخ التسجيل : 03/09/2010 العمر : 30 المزاج : كويس جدا
| موضوع: رد: موضوع متكامل عن فصص الانبياء الجمعة يوليو 15, 2011 7:30 am | |
| | |
|
| |
المؤمن بالله إداري
المساهمات : 2344 تاريخ التسجيل : 17/07/2010 العمر : 29 الموقع : بلدنا المزاج : الحمد لله
| موضوع: رد: موضوع متكامل عن فصص الانبياء الجمعة يوليو 15, 2011 1:20 pm | |
| بارك الله فيكى وجعله من ميزان حسناتك | |
|
| |
3ola كنز المنتدى
المساهمات : 2644 تاريخ التسجيل : 17/07/2010 العمر : 31 الموقع : https://foura.yoo7.com المزاج : malksh feeh
| موضوع: رد: موضوع متكامل عن فصص الانبياء السبت يوليو 16, 2011 3:49 pm | |
| جزانا وجزاكم كل خير يسلموا ع المرور الطيب
| |
|
| |
admin المدير العام
المساهمات : 425 تاريخ التسجيل : 13/07/2010 العمر : 36 الموقع : https://foura.yoo7.com المزاج : بلا حب
| موضوع: رد: موضوع متكامل عن فصص الانبياء الإثنين يوليو 18, 2011 12:11 pm | |
| مات داود عليه السلام وعمره مئة سنة عقبلنا | |
|
| |
روتاج مشرفة مقي العشاق
المساهمات : 638 تاريخ التسجيل : 20/07/2010 العمر : 36
| موضوع: رد: موضوع متكامل عن فصص الانبياء الإثنين يوليو 18, 2011 3:32 pm | |
| | |
|
| |
امير بكلمتي نائب المدير العام
المساهمات : 531 تاريخ التسجيل : 21/08/2011 العمر : 30 الموقع : https://foura.yoo7.com/ المزاج : مش رايق خالص
| موضوع: رد: موضوع متكامل عن فصص الانبياء الثلاثاء يوليو 17, 2012 1:00 pm | |
| | |
|
| |
| موضوع متكامل عن فصص الانبياء | |
|