الطفيل
بن عمرو الدوسي نشأ في أسرة كريمة في أرض ( دَوْس ) وذاع صيته كشاعر نابغة ،
وكان موقعه في سوق عكاظ في المقدمة ، وكان كثير التردد على مكة000
اسلامه
وفي إحدى زياراته لمكة كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد شرع بدعوته ،
وخشيت قريش أن يلقاه الطفيل ويسلم ، فيضع شعره في خدمة الإسلام ، لذا
أحاطوا فيه وأنزلوه ضيفاً مكرماً ، وراحوا يحذرونه من محمد ، بأن له قولاً
كالسحر ، يفرق بين الرجل وأبيه ، والرجل وأخيه ، والرجل وزوجته ، ويخشون
عليه وعلى قومه منه ، ونصحوه بألا يسمعه أو يكلمه000
وحين خرج الطفيل من عندهم ، وضع في أذنه كُرسُفاً ( القطن ) كي لا يسمع
شيئا ، فوجد النبي -صلى الله عليه وسلم- قائما يصلي عند الكعبة ، فقام
قريبا منه فسمع بعض ما يقرأ الرسول الكريم ، فقال لنفسه :( واثُكْلَ أمي ،
والله إني لرجل لبيب شاعر ، لا يخفى علي الحسن من القبيح ، فما يمنعني أن
أسمع من الرجل ما يقول ، فإن كان الذي يأتي به حسن قبلته ، وإن كان قبيحا
رفضته )000
ثم تبع الرسول -صلى الله عليه وسلم- الى منزله ودخل ورائه و قال :( يا محمد
إن قومك قد حدثوني عنك كذا وكذا ، فوالله ما برحوا يخوفونني أمرك حتى سددت
أذني بكرسف لئلا أسمع قولك ، ولكن الله شاء أن أسمع ، فسمعت قولا حسنا ،
فاعرض علي أمرك )000فعرض عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- الإسلام ، وتلا
عليه القرآن ، فأسلم الطفيل وشهد شهادة الحق وقال :( يا رسول الله ، إني
امرؤ مطاع في قومي وإني راجع إليهم ، وداعيهم الى الإسلام ، فادع الله أن
يجعل لي آية تكون لي عوناً فيما أدعوهم إليه )000فقال عليه السلام :( اللهم
اجعل له آية )000
أهل دَوْس
ما كاد الطفيل -رضي الله عنه- يصل الى داره في أرض ( دَوْس ) حتى أخبر
والده ودعاه الى الإسلام ، وأخبره عن الرسول العظيم وأمانته وطهره ، فأسلم
أبوه بالحال ، ثم دعا أمه فأسلمت ، ثم زوجته فأسلمت ، وبعدها انتقل الى
عشيرته فلم يسلم أحد منهم سوى أبو هريرة -رضي الله عنه- ، وخذلوه حتى نفذ
صبره معهم ، فركب راحلته وعاد الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- يشكو إليه
وقال :( يا رسول الله إنه قد غلبني على دَوْس الزنى والربا ، فادع الله أن
يهلك دَوْساً !)000وكانت المفاجأة التي أذهلت الطفيل حين رفع الرسول -صلى
الله عليه وسلم-كفيه الى السماء وقال :( اللهم اهْدِ دَوْساً وأت بهم
مسلمين ) ثم قال للطفيل :( ارجع الى قومك فادعهم وارفق بهم )000فنهض وعاد
الى قومه يدعوهم بأناة ورفق000
قدوم دَوْس
وبعد فتح خيبر أقبل موكب ثمانين أسرة من دَوْس الى الرسول -صلى الله عليه
وسلم- مكبرين مهللين ، وجلسوا بين يديه مبايعين ، وأخذوا أماكنهم والطفيل
بين المسلمين ، وخلف النبي -صلى الله عليه وسلم-000
فتح مكة
ودخل الطفيل بن عمرو الدوسي مكة فاتحا مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-
والمسلمين ، فتذكر صنماً كان يصحبه اليه عمرو بن حُممة ، فيتخشع بين يديه
ويتضرع إليه ، فاستأذن النبي الكريم في أن يذهب ويحرق الصنم ( ذا الكَفَين )
، فأذن له النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فذهب وأوقد نارا عليه كلما خبت
زادها ضراما وهو ينشد :( يا ذا الكفين لست من عُبّادكا ، ميلادنا أقدم من
ميلادكا ، إني حشوت النار في فؤادكا )000
حروب الردة
وبعد انتقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- الى الرفيق الأعلى ، شارك الطفيل
-رضي الله عنه- في حروب الردة حربا حربا ، وفي موقعة اليمامة خرج مع
المسلمين وابنه عمرو بن الطفيل ، ومع بدء المعركة راح يوصي ابنه أن يقاتل
قتال الشهداء ، وأخبره بأنه يشعر أنه سيموت في هذه المعركة وهكذا حمل سيفه
وخاض القتال في تفان مجيد000
استشهاده
وفي موقعة اليمامة استشهد الطفيل الدوسي -رضي الله عنه- حيث هوى تحت وقع
الطعان ، كما استشهد ابنه عمرو بن الطفيل في معركة اليرموك