الإبن
الثاني لفاطمة الزهراء ، ولد بالمدينة ونشأ في بيت النبوة
وكنيته أبو عبد الله000
حُبَّ الرسول له
قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- :( حُسين مني وأنا مِنْ حُسين ، أحَبَّ
الله تعالى مَن أحبَّ حُسيناً ، حُسينٌ سِبْطٌ من الأسباط )000كما قال
الرسول الكريم :( اللهم إني أحبه فأحبّه )000وعن أبي أيوب الأنصاري قال :
دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والحسن والحسين يلعبان بين يديه
وفي حِجْره ، فقلت :( يا رسول الله أتحبُّهُما )000قال :( وكيف لا
أحبُّهُما وهما ريحانتاي من الدنيا أشمُّهُما ؟!)000 وقال الرسول -صلى الله
عليه وسلم- :( من أراد أن ينظر إلى سيّد شباب أهل الجنة ، فلينظر الى
الحسين بن عليّ )000
كما قالت زينب بنت أبي رافع : رأيت فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- أتت بابنيها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شكواه الذي توفي
فيه فقالت :( يا رسول الله ! هذان ابناك فورّثْهُما )000فقال :( أما حسنٌ
فإن له هيبتي وسؤددي ، وأما حسين فإن له جرأتي وجودي )000
فضله
مرَّ الحسيـن -رضي اللـه عنه- يوماً بمساكين يأكلون في الصّفّة ، فقالوا :(
الغـداء )000فنزل وقال :( إن اللـه لا يحب المتكبريـن )000فتغدى ثم قال
لهم :( قد أجبتكم فأجيبوني )000قالوا :( نعم )000فمضى بهم الى منزله فقال
لرّباب :( أخرجي ما كنت تدخرين )000
الحسن والحسين
جرى بين الحسـن بن علي وأخيه الحسيـن كلام حتى تهاجرا ، فلمّا أتى على
الحسـن ثلاثة أيام ، تأثم من هجر أخيه ، فأقبل إلى الحسيـن وهو جالس ،
فأكبّ على رأسه فقبله ، فلمّا جلس الحسـن قال له الحسيـن :( إن الذي منعني
من ابتدائك والقيام إليك أنك أحقُّ بالفضل مني ، فكرهت أن أنازِعَكَ ما أنت
أحقّ به )000
البيعة
توفي معاوية نصف رجب سنة ستين ، وبايع الناس يزيد ، فكتب يزيد للوليد مع
عبد الله بن عمرو بن أويس العامري ، وهو على المدينة :( أن ادعُ الناس ،
فبايعهـم وابدأ بوجوه قريـش ، وليكن أول من تبدأ به الحسيـن بن عليّ ، فإن
أمير المؤمنين رحمه اللـه عهد إليّ في أمره للرفق به واستصلاحه )000فبعث
الوليد من ساعته نصف الليل الى الحسين بن علي ، وعبد الله بن الزبير ،
فأخبرهما بوفاة معاوية ، ودعاهما الى البيعة ليزيد ، فقالا :( نصبح وننظر
ما يصنع الناس )000ووثب الحسين فخرج وخرج معه ابن الزبير ، وهو يقول :( هو
يزيد الذي نعرف ، والله ما حدث له حزم ولا مروءة )000وقد كان الوليد أغلظ
للحسين ، فشتمه الحسين وأخذ بعمامته فنزعها من رأسه ، فقال الوليد :( إن
هجنَا بأبي عبد الله إلا أسداً )000فقال له مروان أو بعض جلسائه :( اقتله
)000قال :( إن ذلك لدم مضنون في بني عبد مناف )000
من المدينة الى مكة
وخرج الحسين وابن الزبير من ليلتهما الى مكة ، وأصبح الناس فغدوا على
البيعة ليزيد ، وطُلِبَ الحسين وابن الزبير فلم يوجدا ، فقدِما مكة ، فنزل
الحسين دار العباس بن عبد المطلب ، ولزم الزبير الحِجْرَ ، ولبس المغافريَّ
وجعل يُحرِّض الناس على بني أمية ، وكان يغدو ويروح الى الحسين ، ويشير
عليه أن يقدم العراق ويقول :( هم شيعتك وشيعة أبيك )000
الخروج الى العراق
بلغ ابـن عمـر -رضي اللـه عنه- أن الحسيـن بن علـيّ قد توجّه الى العـراق ،
فلحقه على مسيـرة ثلاث ليال ، فقـال لـه :( أيـن تريد ؟)000فقال :( العراق
)000وإذا معه طوامير كتب ، فقال :( هذه كتبهم وبيعتهم )000فقال :( لا
تأتِهم )000فأبى ، قال ابن عمر :( إنّي محدّثك حديثاً : إن جبريل أتى النبي
-صلى الله عليه وسلم- فخيّره بين الدنيا والآخرة ، فاختار الآخرة ولم يردِ
الدنيا ، وإنكم بضعة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، والله لا يليها
أحد منكم أبداً ، وما صرفها الله عنكم إلاّ للذي هو خير )000فأبى أن يرجع ،
فاعتنقه ابن عمر وبكى وقال :( استودِعُكَ الله من قتيل )000
وقال ابن عباس -رضي الله عنه- للحسين :( أين تريد يا بن فاطمة ؟)000قال :(
العراق و شيعتي )000فقال :( إنّي لكارهٌ لوجهك هذا ، تخرج الى قوم قتلوا
أباك ، وطعنوا أخاك حتى تركهم سَخْطةً ومَلّة لهم ، أذكرك الله أن لا تغرّر
بنفسك )000
وقال أبو سعيد الخدري :( غلبني الحسين بن عليّ على الخروج ، وقد قُلت له :
اتّق الله في نفسك ، والزم بيتك ، فلا تخرج على إمامك )000
وكتبـت له عمـرة بنت عبـد الرحمن تعظـم عليه ما يريد أن يصنع ، وتأمره
بالطاعـة ولزوم الجماعة ، وتخبره إنه إنما يُساق إلى مصـرعه وتقول :( أشهد
لحدّثتني عائشة أنها سمعت رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- يقول :( يُقتل
حسينٌ بأرض بابل )000فلمّا قرأ كتابها قال :( فلابدّ لي إذاً من مصرعي
)000ومضى000
مقتله
وبلغ يزيد خروج الحسين -رضي الله عنه- ، فكتب الى عبيد الله بن زياد عامله
على العراق يأمره بمحاربته وحمله إليه ، إن ظفر به ، فوجّه عُبيد الله
الجيش مع عمر بن سعيد بن أبي وقاص ، وعدل الحسين الى ( كربلاء )، فلقيه عمر
بن سعيد هناك ، فاقتتلوا ، فقُتِلَ الحسين رضوان الله عليه ورحمته وبركاته
في يوم عاشوراء ، العاشر من محرم سنة إحدى وستين000
السماء تبكي
قال ابن سيرين :( لم تبكِ السماء على أحد بعد يحيى بن زكريا إلا على الحسين
بن عليّ )000وعن خلف بن خليفة عن أبيه قال :( لمّا قُتِلَ الحسين اسودت
السماء ، وظهرت الكواكب نهاراً ، حتى رأيت الجوزاء عند العصر وسقط التراب
الأحمر )000وقالت أم خلاّد :( كنّا زماناً بعد مقتل الحسين ، وإن الشمس
تطلع محمَّرة على الحيطان والجُدر بالغداة والعشيّ )000وكانوا لا يرفعون
حجراً إلاّ يوجد تحته دمٌ !!000
الرؤى
استيقظ ابن عباس من نومه ، فاسترجع وقال :( قُتِلَ الحسين والله )000فقال
له أصحابه :( كلا يا ابن عباس ، كلا )000قال :( رأيت رسول اللـه -صلى اللـه
عليه وسلم- ومعه زجاجة من دم فقال :( ألا تعلم ما صنعت أمتي من بعـدي ؟
قتلوا ابني الحسيـن ، وهذا دمه ودم أصحابه ، أرفعها الى اللـه عزّ وجلّ
)000فكتب ذلك اليوم الذي قال فيه ، وتلك الساعة ، فما لبثوا إلاّ أربعة
وعشرين يوماً حتى جاءهم الخبر بالمدينة أنه قُتِل ذلك اليوم وتلك الساعة
!!000
الدفن
وقد نقل رأسه ونساؤه وأطفاله إلى ( يزيد ) بدمشق ، واختُلفَ في الموضع الذي
دُفِنَ فيه الرأس ، فقيل في دمشق ، وقيل في كربلاء مع الجثة ، وقيل في
مكان آخر000