حذر
الباحثون من خلال المؤتمر السنوى العاشر لقسم الباثولوجيا الإكلينيكية بطب
الأزهر الذى عقد مؤخرا بالقاهرة بالاشتراك مع الأكاديمية الطبية العسكرية
من خطورة انتشار سموم فطريات الأفلاتوكسين
التى تتواجد على الحبوب والمكسرات سيئة التخزين والتى تعد سببا مباشرا
للإصابة بأورام الكبد، وأكدت إحدى محاضرات المؤتمر وجود علاقة وثيقة بين
التعرض للتوتر والضغوط النفسية والإصابة بالسرطان.
ويؤكد الدكتور عمر هيكل أستاذ الجهاز الهضمى والكبد أن الفيروسات الكبدية
(سى و بى) أهم العوامل المسببة لسرطان الكبد فى مصر، إضافة لعوامل أخرى هى
زيادة نسبة الافلاتوكسين فى الحبوب والمكسرات المخزنة بطريقة غير سليمة
وكثرة استخدام المبيدات الحشرية ، وتتراوح معدلات انتشارسرطان الكبد بمصر
ما بين 12 إلى 14 لكل مائة ألف شخص، وغالبا ما تتطور الحالة المرضية
للمرضي لان الأعراض لا تظهر إلا في المراحل المتأخرة منه، لذا تصل نسبة
الوفيات بسرطان الكبد إلى 75 %.
وحذر الدكتور هيكل من مخاطر دهون الكبد، مؤكدا أن زيادتها تسبب التهابا
كبديا مزمنا، ومن ثم يحدث تليف كبدى قد يتطور إلى سرطان بالكبد، ويمكن
التشخيص المبكر لسرطان الكبد من خلال الفحص الدورى كل 6 أشهر للأفراد
الأكثر عرضة للإصابة وهم مرضى الإلتهاب الكبدى الفيروسى والسكر ودهون
الكبد، والعاملون بالمستشفيات والحقول والخدمات الزراعية الذين يتعرضون
لرش المبيدات الحشرية ، ويتم الفحص بالموجات فوق صوتية على البطن وقياس
معامل ألفا فيتوبروتين، وفى هذه المرحلة يمكن اكتشاف الورم وحجمه لا يتعدى
3 سم، ويتم العلاج بطريق الكى الحرارى أو بالقسطرة الشريانية الذى يتم من
خلالها حقن مادة كيميائية توجه للخلية الكبدية المصابة حتى تدمر الخلية
السرطانية ويتطلب هذا العلاج أكثر من جلسة.
وطالب الدكتور فؤاد عبد العال رئيس قسم الباثولوجيا الإكلينيكية بطب
الأزهر ورئيس المؤتمر بضرورة تغيير العادات الغذائية الخاطئة لدى المصريين
والتى تعتمد على كثرة الدهون والسكريات، مع الاهتمام بكثرة تناول الأغذية
المحتوية على الألياف والتى أثبتت الدراسات أنها تقى من سرطان القولون.
وحذر الدكتور يسرى الزهرى أستاذ أمراض الدم بكلية طب الأزهر من الجهل
الغذائى الذى يعد سببا لمعظم أنواع السرطان خاصة سرطان القولون والمعدة
والكبد، مؤكدا أن كثرة تناول الأطعمة السريعة المليئة بالدهون لها علاقة
وثيقة بتزايد الإصابة بالسرطان، وأنه يجب الإكثار من تناول الخضراوات
الطازجة والفاكهة للوقاية من أمراض السرطان، كما أثبتت الأبحاث العلمية أن
البروكلى والأطعمة المحتوية على مضادات الأكسدة تساعد على مكافحة العوامل
البيئية المسرطنة .
والشخص الذى يتعرض لتوتر وضغوط نفسية مستمرة أكثر عرضة للإصابة بالسرطان،
هذا ما أكدته الدكتورة نجلاء أبو العزايم أستاذ باثولوجيا إكلينيكية بطب
الأزهر من خلال محاضرة مهمة، موضحة أن الضغوط العصبية التى يتعرض لها
الإنسان بشكل مستمرنتيجة فشله فى إدارة حياته أو تراكم ديونه أو فقد شخص
يمثل قيمة كبيرة لديه، وحينما يصاحب هذه الضغوط إحساس بفقدان الأمل تصبح
من أخطر المثيرات العصبية التى تسبب خللا بالجهاز العصبى المركزى للإنسان
يترتب عليه خلل فى الجهاز السمبثاوى يسبب زيادة فى إفراز الأدرينالين، كما
يحدث زيادة فى إفراز الكورتيزون، الأمر الذى يترتب عليه تثبيط فى وظائف
الجهاز المناعى ونقص الخلايا الأكولة التى تلتهم الميكروبات، وذلك نظرا
لأن الأدرينالين والكورتيزون يعدان من أهم مثبطات جهاز المناعة. ووفقا
للدراسات العلمية فإن الأشخاص الذين لا يحصلون على فترات نوم كافية تصل
إلى 8 ساعات للبالغين و10 ساعات للأطفال والمراهقين يكونون أكثر عرضة
للإصابة بالسرطان، ويرجع ذلك ـ كما تقول الدكتورة ابو العزايم ـ إلى أن
عدم دانا شمامالشخص فى مرحلة النوم العميق تؤدى إلى عدم الاستفادة من مادة
الإندورفين التى يفرزها الجسم وتساعد فى تحفيز كفاءة الجهاز المناعى.
وفيما يتعلق بخلل جينات الجسم وعلاقته بحدوث السرطان، أوضحت الدكتورة
كريمة عبد الحليم أستاذ أمراض الدم والوراثة بطب الأزهر أن الجينات تتحكم
فى نمو الخلايا المختلفة بالجسم وانقسامها، لذا يؤدى أى خلل بها فى كثير
من الأحيان إلى ظهور بعض أنواع السرطان، وقد اكتشفت الدراسات العلمية
مؤخرا أنواع من الجينات تلعب دورا مهما فى انقسام الخلايا وعند حدوث
تغييرات فى هذه الجينات نتيجة التعرض لبعض الكيماويات أو الفيروسات تتحول
إلى جينات سرطانية .
وأضافت أنه يوجد أنواع أخرى من الجينات تسمى جينات مثبطة تقوم بالتحكم فى
عملية انقسام الخلية، وعند وجود خلل وراثى أو تشوه فى تركيب الحمض النووى
للخلية تعمل هذه الجينات على تثبيط انقسام الخلية، حتى يتم إصلاح الخلل
الموجود بجزىء الحمض النووى، وإذا لم يتم إصلاحه تعطى الجينات أوامرها
للخلية بتدمير نفسها والإنتحار حتى لا يستشرى خللها ويمتد إلى الخلايا
الأخرى، ولكن فى بعض الأحيان وبتأثير العوامل المسرطنة تفقد الجينات
المثبطة قدرتها على التحكم فى انقسام الخلية، وبالتالى تفقد الخلايا
قدرتهاعلى التحكم فى معدل انقسامها ونموها؛ الأمر الذى يؤدى إلى تكاثر
الخلايا ونموها عشوائيا مكونة أوراما سرطانية.